الثلاثاء، 11 نوفمبر 2025

غابوا بأجسادهم... وبقيت ذكراهم! بقَلَمِ: د. خضر عبّاد علي الجوعاني

 💔 غابوا بأجسادهم... وبقيت ذكراهم!

غابوا بأجسادهم فقط عنّي! وبقينا نحن بعدهم...


سكاكينُ فِراقهم تُقطِّعُ أحشائي في اليوم ألفَ ألفِ مرّة،


وجِراحٌ في قلوبٍ تَهواهُم، وتَعيشُ بكلِّ نبضةٍ ذِكراهُم.


وعُيونٌ لا تَرى سوى صُورِهم، وتَذرِفُ الدموعَ كنارِ جَهنّمَ على فُرقاهُم.


وتبقى خالدةً في مُخيّلتي طِيبةُ قُلوبِهم.


تركوا لنا كُلَّ ما يَخصُّهم:


ابتِساماتهم... تَسامُرَهم... ضَحِكاتهم... مَكانَهم...


كُلَّ ما كان يُفرِحُهم ويُحزِنُهم ويُسعِدُهم.


والأكثرُ منها: مَحبّتَهم، احترامَهم، واهتمامَهم بسعادتي معهم.


تركوا كلَّ شيءٍ وأخذوا روحي مَعهم،


فبقيتُ جَسدًا بلا رُوح، وقَلبًا يَلتاعُ شَوقًا لهم، مَلِيئًا بالجُروح.


ومِن شِدّةِ عَذابي، أقول:


يا ليتَني كُنتُ مَعهم أَروح... يا ليتَني كُنتُ مَعهم أَروح!


قَلَمِي: د. خضر عبّاد علي الجوعاني



قصيدة : عاشق الجفاء الشاعر منير صخيري تونس

 .......      عاشق الجفاء

تسأل عني نجوم الليل

كم فى هواك شرعت الحيل

لا تسأل عني وعن نار المقل

أم أنك نسيت وضاقت السبل 

ف أنا فى هواك جاري كالسيل

أكفف دمعي قبل هذا الرحيل

فرحيلك قبل موعد الأصيل

غرد قلبي شجن المواوييل

عبثت بروحي وضاع الأمل

أمل هواك وعشقك المستحيل

إسأل الليل وعن جفاء الأجفان

فرموش عيناي ذبلت من الآنين

ليت عيناك تذوق أرق وجع الجبين

كم حصرة بقلبي توردت شجن

كم بكيت وكم سهرت ليلي جحيم

كم تطلعت صرح هواك من عدم

آ ما يكفيك هجري وندوب ألمي

أم قسى قلبك ونسيت صفاء ودي

أم عشقت البعد ونار عذابي

كم صافيتك وكم خدعت قلبي

وبعد للهوى وللوصال لا تبالي

أنا اللتي تخمرت بنبيذ الغرام

ولم تجن غير وجع الآلام

إرحل فلن يبقى بعدك شيء

غير صمت الروح فى موكب عزاء

عزاء قلبي بلا دواء ولا شفاء 

يا عاشق الجفاء سل الفؤاد عن الوفاء


قصيدة : عاشق الجفاء 

الشاعر منير صخيري تونس 

الاحد 09 نوفمبر 2025



__همس_الحروف__ بقلم الكاتبة/ناديةغلام

 __همس_الحروف__

الراء أرواحنا الحالمة

و الحاء أحلامنا الشاردة

في عالم كنا نريد أن نرسمه لوحة

كما شاءت أنفسنا ..

لكن اختلطت الألوان

فسالت أمانينا..من إطار الحياة

و صارت تتراقص فراشات فوق أرصفة الانتظار

نظرت في اللوحة و ألوانها المبعثرة

و أحلامنا المفرغة

حاولت ترميمها ..

لكن الفراغات كانت كثيرة

احترت بم أبدأ هل بحدود الوطن

أم بفصول العمر أم بسماء الفؤاد ؟

و قلبي لا زال مكتظا بالحب و الأمل

فكرت و فكرت..أمسكت فرشاتي

و تركتها تبدع و تتفنن

فأنا أحتاج أن تدهشني لوحتي

و أعجب بحياتي أكثر

فتتلون ورودي و تزهر

و من نبض الحياة

لازال قلمنا يتمنى و يأمل ،،

من_همس_حرفي 

بقلمي/ناديةغلام



حراثةُ الصمت بقلم الشاعر رضا بوقفة

 حراثةُ الصمت

أحرثُ الصمت منذ أعوام، كمن يفلح أرضًا نسيها المطر.

أُقَلِّبُ التربة بأصابعٍ أنهكها الرجاء، أزرع فيها بذورًا من الحروف، أسقيها بندى الحلم، وأنتظر...

لكنّ الأرض صامتة، كأنها تكتفي بأن تحتفظ بصوتي دون أن تُنطِقه.

كلّ كلمةٍ أكتبها، بُذرة أُلقيها في باطنٍ غامض.

أُمنِّي نفسي بربيعٍ قريب، بزهرةٍ تُدهش القارئ وتُنبت في روحه معنى، لكن المواسم تمضي، والسنوات تمطر غبارًا لا خُضرة.

فأجلس عند حافة الصبر، أتأمل أرضي التي لا تُثمر إلا جذورًا يابسة وفواصلَ من حجر.

تعبتُ من حرث أرضٍ لا تُنبت، لكنّني لا أستطيع التوقف.

فالشاعر لا يختار أرضه، بل تختاره الكلمة لتكون حقله، حتى لو كانت مجدبة.

الكلمة التي حملتها في صدري لا تتركني، لكنها أحيانًا تتوارى في صمتها، تُغلق أبوابها، كأنها تريد أن تُمتحن قدرتي على الإيمان بها.

أخاف أحيانًا أن تتخلى عني، أن تبقى أسيرة في داخلي، سجينة القلب لا تجد طريقها إلى الضوء.

أسأل نفسي: هل سئمتني الكلمة؟ أم أنها تنتظر موسمًا آخر، سماءً أرحب، وقلوبًا تعرف كيف تصغي؟

لقد طبختُ أجمل قصائدي في قدرٍ صنعته من صبري،

على نارٍ من الحلم والوجع، نضجت نصوصي كما تنضج الأسرار،

قدّمتها بصدقٍ جائعٍ للذوق، لكنهم مرّوا حول الموقد دون أن يتذوّقوا.

ربما لم يكن الجوع إليهم، بل إلى الفهم.

ومع ذلك، أواصل الحرث.

فالأرض التي لا تُثمر اليوم، قد تُورق غدًا في مكانٍ آخر.

قد لا يكون الحصاد لي، لكنّ البذرة تعرف طريقها إلى الضوء.

فالكتابة ليست تجارةً في الزمن، بل إيمانٌ بأن للحرف روحًا لا تموت.

أنا لا أكتب لأحصد، بل لأتذكّر أني ما زلت حيًّا،

أنّ في داخلي شيئًا يقاوم اليأس ويُعلِّم التراب الصبر.

ربما يكون صمتي اليوم نبتةَ الغد،

وربما حين يُنسى اسمي، تزهر كلماتي من تحت الغبار.

خاتمة: جذر الحياة

وربما... لا تكون الكلمة زهرًا يُقطف،

بل جذرًا يظلّ حيًّا تحت التراب، يمدّ الحياة لمن يأتي بعدنا.

فالشاعر الحقيقي لا يحصد ما يزرع،

بل يترك أثر أصابعه في الطين، ليتذكّر الربيع طريقه.

وإن لم تُثمر الأرض اليوم، فحسبه أنه آمن بالبذرة،

وسقاها من دمه، وابتسم وهو يحرث الصمت.


بقلم الشاعر رضا بوقفة  شاعر الظل

وادي الكبريت

سوق أهراس

الجزائر

الشعر اللغز الفلسفي والقصة اللغزية الفلسفية



**((باثور رئيس المخفر)) قصة: مصطفى الحاج حسين.

 ** ما زلتُ عاتبًا على أستاذي وصديقي الأديب الكبير (محمد أبو معتوق)

لأنّه منعني من مشاركتي في المسابقة السنوية لاتحاد الكُتّاب العرب، بهذه القصة.  

قال لي على سبيل الاستشارة:  

- "أنصحك بعدم المشاركة بهذه القصة، التي تتضمن كلماتٍ ومحتوى لا يتناسب أن يُقرأ من على منبر اتحاد الكُتّاب." 


وهكذا استبعدني من المشاركة في المسابقة،  

وراحت الجائزة لمن لا اسم له اليوم...  


في حين قال لي أحد الأصدقاء الأدباء:  

- "هذه القصة تصلح أن تُقرأ من على منبر (الأمم المتحدة)."


**((باثور رئيس المخفر))


قصة: مصطفى الحاج حسين. 


في صباحٍ مُشمسٍ، وبينما كان رئيسُ المخفر، (أبو رشيد)، يجلسُ على كرسيّه فوق المصطبة، عند باب المخفر، حيث كان يُدخّن، ويتلهّى بمراقبة القرية القريبة، عبر منظاره الجديد،  

وإذ به يلمح رجلاً قرويًّا يتّجه إلى العراء، وحين ابتعد عن الأنظار، تلفّت يمينًا ويسارًا، ثمّ رفع (كُلابيته) على عجلٍ، قرفص، وخلال دقيقة تناول من قُربه حصوة، مسح بها، ثمّ نهض.


استرعى هذا المنظرُ اهتمام رئيس المخفر وفضوله، فصرخ على الفور ينادي: – (الرقيب خليل)!  


ولمّا خرج إليه (خليل)، أمره قائلًا:.


– اذهب إلى هناك...


(وأشار بيده صوب القرية، ناحية القروي)...


- أحضر ذاك البدوي بسرعة.


امتطى (الرقيب خليل) حصانه، وانطلق صوب القرية مسرعًا.


كان الرّجل القروي، قد اقترب من قباب القرية، حين ناداه الرّقيب:


– قف... عندك... لا تتحرّك!


انبعثت رعشةٌ عنيفةٌ في أعماق القروي، تلعثمت كلماته:


– خير يا وجه الخير!! ماذا تريد؟!


– امشِ قدّامي إلى المخفر... هيّا، تحرّك.


تضاعف الخوفُ في أعماق القروي، وأراد أن يستفسر:


– ولكن، لماذا يا وجه الخير؟! أنا لم أفعل شيئًا؟!


صاح (الرقيب خليل) من فوق حصانه، الذي لم ينقطع لهاثه بعد:


– تحرّك يا كلب... قَسَمًا، سأنزل وأدوسك بحذائي!


– لكن يا سيدي...


لم يتركه يُكمل كلامه، فقد اقترب منه، وهوى عليه بسوطه، صارخًا:


– تحرّك!


كان القروي يتعثّر بخطواته بين الفلاة، والرّقيب من فوق حصانه، يحثّه مرّة على العجلة، ويَسوطه مرّة أخرى.


اقترب من رئيس المخفر، فتطلّع الرّجل إلى (أبي رشيد) بهلع، بينما كانت مفاصله ترتعش... رمقه رئيس المخفر بنظرة صارمة، ونهض:


– الحق بي إلى مكتبي.


حين أغلق رئيس المخفر الباب على الرّجل، المرتعد الفرائض، أيقن أن جريمةً فظيعة سوف تُنسَب إليه.


غير أنّ رئيس المخفر، نظر إليه وابتسامةٌ لزجةٌ ارتسمت تحت شاربيه:


– ما اسمك؟


– أنا يا سيدي... اسمي... (خميس) أبو حسين.


– أريدك يا أبا حسين، أن تحدّثني بصراحة.


واندفع (خميس) ليقسم لرئيس المخفر، وكان الخوف قد بلغ ذروته:


– أنا والله، لم أفعل شيئًا!


ابتسم رئيس المخفر، وقد أدرك أنّه رجل ذو هيبة، يخافه الجميع:


– لقد شاهدتك وأنت تقرفص (وتفعلها) بسرعة...


علَتِ الدَّهشة وجه (خميس)، وهمس كمن يُقِرُّ بذَنْبه:


– نعم... فعلتُها... لماذا أكذب؟! ولكنني لم أكنْ أعرف أن هذا ممنوع.


صرخ رئيس المخفر:


– اسمعني يا غبي... لا تُقاطعني... الحكومة لا تمنع مثل هذه الأمور، لأنها لا تُعتَبَر من الأعمال السياسية.


ثم استدرك، محاولًا شرح الموقف للمواطن(خميس)

، الذي لم يُزايله الخوف حتى الآن:


– أنت (فعلتَها) بسرعة، وأنا أُمضي أكثر من ساعة في المرحاض... أريدك أن تساعدني حتى أستطيع أن (أعملها) مثلك، بعَجَلة... أنت لا تعرف كم أنا أُعاني وأتعذَّب كلّ يوم.


بعد جهد، استطاع المدعو (خميس) أن يفهم ما يريده منه رئيس المخفر، ولأول مرة يُزايله خوفه، ويتجرّأ، ويرسم على شفتيه اليابستين شبه ابتسامة:


– أَمِنْ أجل هذا أرسلتَ في طلبي؟!


– نعم.


– بسيطة... يا سيادة رئيس المخفر، القضية في غاية السهولة.


وهنا استبشر رئيس المخفر خيرًا، فهتف بفرحة:


– كيف؟؟؟؟؟ قل لي، أرجوك... فأنا أتعذّب... وأُضيع معظم وقتي داخل المرحاض.


تضاعف شعور (خميس) بثقته بنفسه، فها هي الحكومة بكلّ جبروتها، وعظمتها، وهيبتها، تلجأ إليه وتستشيره، في قضية على غاية من الأهمية... لذلك أجاب:


– أنا، يا سيدي، عندما أتضايق، أُحاول أن أُؤجّلها... وكلما تضايقت، أضغط على نفسي، حتى (أُحمّصها)، وعندها أهرع إلى البرّية، وخلال دقيقة أكون قد انتهيت.


ابتسم رئيس المخفر... شعر بالراحة والسعادة، أخيرًا سيضع حدًّا لهذا العذاب المُضني، وأقسم في أعماقه أن يُكافئ (خميس) إن نجحت وصفته هذه:


– إذاً، عليّ أن (أُحمّصها)، أليس كذلك؟


– نعم، سيدي.


في اليوم التالي، رفض رئيس المخفر أن يدخل دورة المياه قبل أن يُغادر بيته. توجّه إلى المخفر، وهو يشعر بالضيق بعض الشيء، لكنه سينفّذ ما طلبه منه (خميس): *سيُحمّصها*.


وحين دخل إلى مكتبه، استدعى كافة عناصره، كعادته، ليشربوا الشاي... لكنه سرعان ما بدأ يتململ في قعدته فوق كرسيه، ومع هذا كان يُردّد بداخله:


– ليس الآن... عليّ أن أنتظر، حتى (أُحمّصها)... (خميس) قال لي هذا.


مضى كثير من الوقت، وهو يثرثر مع عناصره، محاولًا كبح مؤخرته عن الانفجار.


أخيرًا، شعر بمغصٍ شديد، مغصٍ لا يُقاوَم، كأنه الطّلق... نهض عن كرسيه،

حاول أن يتجاوز كراسي عناصره بسرعة، لكنّ صمام الأمان أفلت منه، فها هو، وقبل أن يفتح الباب، يُفرْقع بقوة... كانت (ضرطته) بقوة انفجار قنبلة. أحسّ بالخجل الشديد، ولم يلتفت صوب عناصره، الذين تغامزوا وضحكوا بعد خروجه.


وفي الممر... ممرّ المخفر الطويل، وقبل أن يصل إلى بيت الخلاء، حدث ما لم يكن في الحسبان: لقد *"فعلها"* في بنطاله! يا للعار!


أقسم أنه *"سيفعلها"* في فم (خميس)، حلف أنه *"سيخصيه"*، *سيدقّ* رأسه، *سيرميه* في الزنزانة، *وسيجعله* عبرة لكلّ الناس.


وبعد أن غيّر بدلته العسكرية، رمق عناصره بنظرات حادّة وصارمة، أخرست ضحكاتهم المكتومة، ثمّ أمر الجميع بإحضار "المجرم"

(خميس).


خرجت كوكبة من رجال الشرطة، هرعوا إلى الإسطبل الملاصق للمخفر...


امتطوا جيادهم بسرعة، لكزوا الخيول، فانطلقت مُحمْحِمة باتجاه القرية.  

حاصروا بيت المدعو (خميس)، صاحب النّصائح الكاذبة، المخادعة. 


داهم (الرقيب خليل)، وبعض العناصر، القُبّة الكبيرة، فانطلقت صرخة ذعر من امرأة، كانت تغتسل عند العتبة. 


حاولت أن تستر عُريها، لكنّ (الرقيب خليل)، الذي حاول أن يتراجع، كان يُحدّق بانشداهٍ تام، إلى هذا الجسد العاري المثير، والذي تفوح منه رائحة الصّابون وبخار الماء السّاخن. 


وتحيّرت عيناه: أين يُركزان النظر؟ على النّهدين الصّاعقين، أم على الفخذين المكتنزين؟  


صاحت المرأة، لتوقظه من دهشته، واشتعال شهوته:

 

- ماذا تريدون؟!  


زأر (الرقيب خليل)، المتأجّج بشهوته: 


- نريد... المجرم (خميس)!  


صاحت، وهي تحمي نفسها بثوبها:  


- هل صار زوجي (خميس) مجرماً؟ ماذا فعل؟! 


ثم أردفت: 


- هو ليس هنا.. غير موجود.. نزل إلى حلب.  


مدّ (الرقيب خليل) رأسه أكثر، ليستجلي المكان بدقة، وكانت نظراته تنهشان الجسد العاري، رغم تستر المنطقة المهمة بالنسبة له.

 

واستطاع رفاقه أن يدلفوا جميعًا ودفعةً واحدةً إلى القبة الطينية، تسبقهم شهواتهم المتقدة بقوة.  


فصرخ (الرقيب) بوجه المرأة، ليطيل الوقت أكثر:

  

- إذاً فعلها زوجك (خميس) وهرب.. ولكني سأجده، وحق المصحف.. سأجده.. لن أتركه يفلت مني.  


شعرت المرأة بذعر شديد، وكانت قد نسيت ما عليها من عريّ، سألت: 


- ماذا فعل (خميس).. أخبروني؟!  


- المجرم خدع رئيس المخفر.. وهرب.


عندما عاد عناصر الشرطة

، بقيادة الرقيب، إلى المخفر، وكان قائدهم بانتظارهم مصطحبين معهم غريمه القروي، ثار عليهم وراح يوبخهم لأنهم عادوا من دون (خميس)، مبالغاً بغضبه، لكي يواري خجله منهم، ولأنه لم يعد يطيق أية نظرة توجه إليه من أحد عناصره. فقد عاد وأمرهم أن يخرجوا إلى الطريق، وينصبوا كميناً بانتظار (خميس)، وأقسم لهم بأنه سيعاقبهم إن لم يستطيعوا القبض عليه اليوم.  


حين وصل (خميس) مكبلاً، مدمى الوجه، وممزق الجسد، وكان هو الآخر قد - فعلها - من شدّة خوفه وهول ما تلقاه من ضرب مبرح حين قبضوا عليه، بعد أن نزل من السيارة العائدة من حلب.  


ولمّا صرخ رئيس المخفر بوجهه الشديد الشحوب:  

- أتضحك عليّ يا صعلوك؟!  

  

رد بصوت منكسر، فيه من الخوف والرجاء الشيء الكثير:

  

- ولكن يا سيدي.. أرجوك أن تدعني أشاهد البنطال.  


استغرب رئيس المخفر طلبه هذا، لكن (خميس) أصرّ وكرر رجاءه.. بإحضار البنطال. 


فأمر رئيس المخفر عناصره، وعلى مضض منه، بإحضار البنطال فوراً.  


وحين أمسك (خميس) البنطال المبلول والكريه الرائحة، نظر إليه ملياً.. قربه منه.. تفحصه بشدة، تشممه.. وعاود الشمّ، ثمّ مدّ أصبعه، وأخذ من البنطال عينة، ورئيس المخفر وعناصره يراقبونه باندهاش وحيرة.  


ثم فاجأهم (خميس) حين وضع أصبعه وما عليها من براز في فمه، حيث لحس أصبعه، تذوق ما كان عليها، ثم التفت إلى رئيس المخفر، وقال:

 

- أنا قلت لك يا سيدي، أن - تحمّصها - ولكنك يا سيدي.. أنت للأسف الشديد، قد أحرقتها، وهذا ليس ذنبي.*  


  مصطفى الحاج حسين.  

   حلب، عام 1993 م



(( أُخيَّ...أريدني الأنت )) بقلم الأستاذ داود بوحوش

 (( أُخيَّ...أريدني الأنت ))


تعدّدت أناي 

بين ثناياي

فتاه 

بين الظّلال ظلّي

مُنهكٌ من الكلّ

و كذا منّي

فأنّى لي النّفس

برتق الشّقوق أمنّي

إلهي

 يا الذي بك نباهي

أعنّي

مكسورة أجنحة أمّتي

و بكل وطن فصيل

فيه ،قد خاب ظنّي

و المحزون هو وطني

مُعنّى

 أضناه التّجنّي

بلاء في كلّ شبر

و كلّ على ليلاه يُغنّي

إن التمست منه إسنادا

يردّ أن

إيّاك عنّي

دُجّنّا

و لاذ الكلّ بالقنّ

فأينها الغيرة على العين 

و أيننا من السّنّ بالسّنّ

حُشرنا في الزّاوية

و عافتنا الهاوية

و آمنّا بالغول و الجنّ

فغرقنا 

في آتون الظّنّ

و ازددنا غمّا على غمّ

إلهي 

متى يجنّ صبحنا

فنعانق حلمنا

ذاك الذي إليه نحنّ

أخيّ

أريدُني الأنت 

و الأنت الأنا أريدك

فهلمّ بربّك

هات يدك و ادن منّي


بقلمي

ابن الخضراء 

الأستاذ داود بوحوش

 الجمهورية التونسية


"سَمَرٌ عَلَى أَقْدَاحِ الكَلِمِ" بقَلَمُ : سُلَيْمَانُ بْنُ تَمَلِّيست

 "سَمَرٌ عَلَى أَقْدَاحِ الكَلِمِ"

******         

في لَيْلِنَا انْفَرَجَ الكَلامُ وَأَزْهَرَا

وَتَناثَرَتْ أَرواحُنَا كَمْ أَبْحَرَا


جَلَسَ الرِّفَاقُ عَلَى مَقاعِدِ وُدِّهِمْ

كُلٌّ يُضِيءُ بِما تَجَمَّعَ أَشهُرَا


هذَا يُحَدِّثُ عَنْ حَنِينٍ غائِرٍ

ذَاكَ ارْتَوَى مِنْ وَجْدِهِ قَدْ أُغْمٍرَا


وَالنَّجْمُ يُصْغِي مِنْ عَلٍ فِي صَمْتِهِ

ضَيْفٌ كَرِيمٌ قَدْ أَتَى كَيْ يَسْهَرَا


وَالْبَدْرُ يَكْتُبُ فِي الفَضاءِ رِسالَةً

لِلشِّعْرِ: كُنْ شَهْدًا، وَكُنْ حُلْمًا يُرَى


أَقْداحُنَا لَيْسَتْ سِوَى كَلِماتِنَا

مِنْ نَبْعِهَا ارْتَشَفَ الجَمالُ وَأُسْكِرَا


فِي حَضْرَةِ الأَشْعارِ نُبْصِرُ أَنَّنَا

نُمْسِي لِنُوْقِدَ فِي الظَّلَامِ الأَدْهُرَا


بِضِيائِهَا حِضْنُ القَصِيدِ يَضُمُّنَا

وَتَزُفُّ أَوْتَارُ الهَوَى كُلَّ الوَرَى


قَلَمُ  : سُلَيْمَانُ بْنُ تَمَلِّيست

جُرْبَةُ فِي 2025/08/24

الجُمْهُورِيَّةُ التُّونِسِيَّةُ



شهيد العشق *** بقلم الشاعر علي مباركي

 شهيد العشق *** بقلم علي مباركي 


من يبتلى  بالعشق شهيدا يمت

             قد تحتويه الأرض و قبر يرق

في برزخ و المنكر عنه انعتق

          سبحان من أرسى نعيما لا يشق

لم يكتمل حتى توارى ولم يحق

             في مهجتي نار له الظت تدق

لا ملجأ من لسعة بي تحترق

              أين المفر الحاضن أين الأفق 

اين النواصي للطيور تزق

            تاهت أمانيها وترامت بالشقق

حلى النوى والنفس نامت بالغشق

     والشوق اصفته  النوءة حتى شهق

والشهقة ابان القلوب تشتنق

        تجدي لمن غاضت عليهم بالنفق

يا ليت أمر العشق بقلبي غسق 

      قبل الدواهي من صياصيها اتسق


علي مباركي 

تونس في 10 نوفمبر 2025

الذهب الأخضر بقلم الكاتبة سعيدة شباح

 الذهب الأخضر

رقص الغصن ببلوغ الموعد 

و  إنحنى في إمتثال الزاهد 

و الثمار الطازجات كالنجوم ظهرت 

لبست لبس الوقار الأسود 

و تراءت في صباحات الخريف دررا

أجمل من جمال العسجد 

ألطف من صبح موشى بالضياء 

يشبه رقة الورد الندي 

حولها العشاق يبغون الوصال

في إلتقاء و إنصهار سرمدي 

أذرع تمتد للأعلى إنتشاء 

ساعد يمضي بحذو الساعد 

تجمع خيرا عميما أسود 

و تخاله حينا بعض زمرد 


سعيدة شباح



المكر والطيبة: صراع الأقنعة وصفاء النوايا بقلم د. سؤدد يوسف الحميري

 المكر والطيبة: صراع الأقنعة وصفاء النوايا

د. سؤدد يوسف الحميري


هل الإنسان مخيّر بين أن يكون ثعلباً ماكراً  أو حمامة وديعة ؟   

سؤال طالما شغل بالي وأرتايت ان ابحث عن إجابة له من أرض الواقع ضمن العلاقات الإنسانية لا من القصص الأدبية الخيالية، وهنا كان لابد من معرفة و تحديد الألفاظ الدالة على المكر وهي: (الخبث، والخداع، والتخطيط السري) كـقناع يرتديه الماكر المخادع بهدف السيطرة أو النجاة من ضحيته أو لنقل فريسته كون فعله الذي يمارسه فعل لا إنساني، في مقابل ذلك كان لزاما علينا إيراد الألفاظ الدالة على الطيبة وهي: (النقاء، والعفوية، وحسن الظن) كـنوايا صافية تعكس الفطرة الإنسانية التي فطر الله بها الإنسان؛ لنوازن بين كفتي الصراع عند الحديث عنهما وإصدار الحكم بناء على معايير وأدلة محددة بينهما. وتأتي أهمية هذا الموضوع من خلال الإشارة إلى أن هذا الصراع الذي يشكّل محوراً مهماً من محاور العلاقات الإنسانية والنجاح الاجتماعي والشخصي. وان طبيعة المكر والأقنعة وتغيرها، يتطلب منا تشريح هذا القناع، الذي يعدّه الماكر آلية دفاعية أو هجومية، يتناول فيها الماكر المخادع "تكتيكات" مثل التملق، وإخفاء النوايا الحقيقية، واستخدام الذكاء السلبي، والنجاح الزائف. وهنا لابد من وقفة لنبين كيف أن المكر قد يحقق مكاسب سريعة  للماكر المخادع إلا أن هذا النجاح هو نجاح قصير المدى، لكنه بالتالي يؤدي إلى فقدان الثقة والعزلة على المدى الطويل، هذا من ناحية، إما من الناحية النفسية، فكان لابد من تسليط الضوء على أن العيش بوجهين بالنسبة للماكر المخادع يستهلك منه طاقة كبيرة ويقوده إلى الاغتراب عن الذات الحقيقية. في مقابل ذلك كان لابد لنا من وقفة لمعرفة وتحديد جوهر الطيبة المتمثلة بصفاء النوايا وثمن البراءة وقوة النقاء، المتجسدة بالطيبة كقوة كامنة وليست ضعفا. والتركيز على العفوية والشفافية كشكل من أشكال الشجاعة الأخلاقية. والوقوف أمام متلازمة "السذاجة" (الضعف في الذكاء الاجتماعي) ومناقشة كيف يُنظر إلى الشخص الطيب النقي أحياناً على أنه ساذج أو ضعيف، ما يجعله عرضة للاستغلال و الخداع. وبيان القوة الأخلاقية له من خلال التأكيد على أن الطيبة والنوايا الصافية هي الأساس للسعادة الحقيقية والسلام النفسي، وجذب العلاقات الإنسانية المستدامة والموثوقة دائما. وهنا لابد من إحداث التوازن رغم صعوبته و اليقظة دون خبث، فما بين الطيبة والسذاجة ما هو إلا خيط رفيع، وهنا يتبادر إلى أذهاننا سؤال لابد من الإجابة عنه وهو : كيف يمكن الحفاظ على النقاء دون السقوط في فخ السذاجة ؟ (الفطنة مقابل الغباء ( هنا نصل إلى الموازنة العملية من خلال الدعوة إلى تبني الطيبة الواعية (أو الذكاء القلبي)، أي أن تكون طيباً ونقي السريرة، ولكن في الوقت نفسه يقظاً وواعياً لأساليب الخداع المحتملة (الاحتراس دون مكر). ومن خلال الاستشهاد بقصص القران مثل قصة "براءة الذئب" تتجسد لنا حكمة نبي الله يعقوب (عليه السلام) في إظهار أن الفطنة (قدرة يعقوب على كشف كذب أبنائه) هي التي تحمي النقاء، وليس المكر. وفي الختام نخلص إلى القول: ان التحلي بالطيبة والبراءة والنقاء هي الانتصار الحقيقي والدائم والتأكيد على أن المكر هو نجاح مؤقت وهش، بينما النقاء هو انتصار دائم وقيمة إنسانية راسخة. وهذه المقالة دعوة للقارئ إلى نزع الأقنعة وتغليب صفاء النوايا؛ لأن الإنسانية تحتاج إلى النقاء والعالم يحتاج إلى الشفافية أكثر من حاجته إلى المكر والخداع والبراعة الخبيثة، وهذا يذكرنا بقول الشاعر:

لا خيــــرَ في ودِّ امـرئٍ مُتمـلِّـقٍ  *** حُـلـــوِ اللسـانِ وقلــــبـهُ يتلـهَّـبُ

يلقــاكَ يحـــلفُ أنـه بـكَ واثـــقٌ  ***  وإذا تـوارَى عنكَ فهوَ العــقرَبُ

يُعطيكَ من طَرْفِ اللِّسانِ حلاوةً  ***  ويَروغُ منكَ كمـا يـروغُ الثّعلـبُ



السيلُ يمضي بقلم الكاتب حسين جبارة

 السيلُ يمضي


                             --------------  


               أأمارةً أبغي بلا نفطٍ وماء؟


               قد أذعنت وتواطأت


               قد أقسمتْ، للغيرِ تلتزمُ الولاء


               فيها أذلُّ مُهمّشًا ومُكبّلًا


               محرومَ إبداعٍ وفصلٍ


               قبْلَ أصلٍ وانتماء


               أدُويلةَ الضلّيلِ أنشدُ بائسًا


               حَشَفًا تَنالُ وسوءَ كِيلةِ مُقسطٍ


               مستوطنًا ترضى تُبدّلُ بالجلاء


               لِأوامرِ الأسيادِ تحني هامةً ومواقفًا


               وتدورُ في الأسواقِ تستجدي العطاء


               المجلسُ القرويُّ أرفضُ موطنًا


               وهو المُطَوَّقُ ظامئًا


               ترويهِ بئرٌ خيّبتْ أمَلَ الدلاء


               هل يستطيبُ الأهلُ فضلةَ سيّدٍ


               قد جزَّأ المنقوصَ أشلاءً رمى


               للطيرِ تنهشُ لحمها، لمّا تشاء


               ما جئتُ ألهثُ أشتهي محميّةً


               خلفَ الجدارِ أسيرةً


               لا تستطيعُ تحركًا وإرادةً


               تصحو على الأسلاكِ تغفو في المساء


               بمضافةٍ ما كنتُ أحلمُ كي أقدّمَ قهوةً


               بفنائها ألهو أسامرُ شهرزادَ وشهريارَ وهائمًا


               أنا فارسٌ في الليلِ أجتازُ الحواجزَ


               دونَ إذنٍ أو جزاء


               يا صفقةَ المُحتلِّ يرسمُ صفعةً


               يلوي العظيمَ مُوَقّعًا بمخالبٍ


               ويدوسُ حقًّا للشعوبِ بالامتهانِ وبالحذاء


               ألقى العظيمُ ضميرهُ في غيهبٍ


               متنكرًا لمبادئِ الإنسانِ يَسْندُ ظالمًا


               فقدَ النزاهةَ والعدالةَ والإباء


               أنا لستُ عبدًا في سفينةِ تاجرٍ


               أهدى المصيرَ لقيصرِ العشرينَ يقتلُ اُمّةً


               يا أُمّةَ الخطّابِ تحيا كالإماء  


               وطنُ الجيوبِ مُقَطَّعًا ومُشرَّحًا هو بدعةٌ


               هو خدعةُ الترحيلِ والإفراغِ من قدسِ المُنى


               تأتي لتكريسِ التغطرسِ والخباء 


               تأتي لتمزيقِ النسيجِ بصعقةٍ


               تسعى لفصلِ الأقرباءِ عن اللقاء


               فصلِ الجنوبِ عن الشمالِ عن الفؤادِ عن الهوى


               فصلِ الشروقِ عن المكانِ عنِ الزمانِ   


               عن الوصالِ يفي الإخاء


               فصلِ الحبيبِ عن الحبيبِ عنِ الصلاةِ بزهرةٍ


               قدسِ الفلسطينيِّ يؤمنُ بالخلودِ وبالبقاء


               شعبي تنادى والنداءُ حرارةٌ   


               شعبي تسامى والكرامةُ مبدأٌ


               حرّيّةً يشدو، يقارعُ في الدجى مستعمرًا


               بالكفِّ يصمدُ بالقرارِ والافتداء  


               هدفي كيانٌ مستقلٌّ فيهِ أُنْعِشُ حاضرًا


               وأصونُ مجدًا ماضيًا


               مستقبَلًا أبني أسجّلُ بصمةً


               أهوى شعوبَ الأرضِ أسعى للنماء


               نَفَسي طويلٌ والطموحُ حكايتي


               ورجولتي كحجارةِ الوادي تظلُّ مُقيمةً


               والسيلُ يمضي لا يعودُ إلى الوراء


               حسين جبارة شباط 2020


فواصل ٠٠!! / بقلم الكاتب السعيد عبدالعاطي مبارك الفايد - مصر ٠

 فواصل ٠٠!! /

السعيد عبدالعاطي مبارك الفايد - مصر ٠

---------------------

موكب يمر من قلب الحارة 

و ذلك لأول مرة ٠٠

فتساءلت : العجوز ما هذا ؟!

أجابوها الشباب : هذا مرشح محتمل ٠


صرخت بأعلى صوت 

في وسط المدينة 

يا إلهي متى يعود الزمن الجميل ؟! ٠


أرسلت رسالة غامضة من عصر الفراعنة 

و تحدت  أي شخص يفك الطلسم ٠٠

فجأة " طفل النت " ترجم لها الأحاجي خِلسة فشهقت شهقة كادت منها تفارق الحياة ٠


الشرطي يطادر دراجة بخارية 

و المارة يلعنوه 

فأخبرهم بأنها مسروقة و هذا لص ٠٠

فقالوا : و اللصوص الأُخرى ما موقفك منهم ؟! 

فضحك هذا تيار عال ٍ ٠


امرأة جميلة ذات أربعة عقود ، تمشي في الميدان 

سبعة أشواطاً ، ثم تعود 

فسألها عامل النظافة :

لماذا هذا الدوران ؟! 

قالت ساخرة : لعل أجد وظيفة أو عريس فقد تقدم بي العمر و سعري رخيص و كل شيء غال ٍ !٠  


بائع الورد يتجول في حي راق ٍ 

يصيح بصوت جميل :

من يشتري الورد ٠٠

و من الشُرفات تنظر إليه السيدات و هن يتمنعن سئمنا من مسلسل الورد لا وقت للشم 

فقال لهن : قطعوه على السلاطة هكذا يفعلون به في مطبخ الملك و الأمراء !

فتسابقن عليه حتى نفدت الكمية و مازالت النساء  ينتظرنه كل صباح ٠


نــــــــــــــــسيج وحــــــــده بقلم عبدالعزيز دغيش

 نــــــــــــــــسيج وحــــــــده 

قيل أن صوتها؛ 

"نسيج وحده"

وأنها؛ 

"أكبر من الذاكرة"

فيما قاله أبرز الشعراء

وهي أكثر أكثر أكثر ..

فليس لكثرتها حدٌ أو مدى

يُقاس به أو يبلغ حد الاكتفاء 

هي "ملائكية" و"سماوية"

و"صوت من الجنة"، 

وأنها "فوق التصنيف" 

كما في الكثرة 

التي بها قال عنها 

أرباب الموسيقى والغُناء، 

وهي أكثر أكثر

ففي صوتها شموخِ الجبال

ورقةِ العصافير، وهديرِ البحار

وحميميةِ الأرض، ورُفعةِ السموات 

وتدفقِ الماء 

هي النغمُ الذي يبسطُ جناحَهُ

على الإحساسِ، يمتلكهُ

يبسطُ دثارَه عليهِ 

يرفعهُ من الأرضِ

بشغفٍ وحنانٍ وعذوبة 

ودون عناء

ومعهُ تتراقصُ الأشجارُ 

حين يصدحُ

ويُردِّدُهُ الثرى، والثريا تُصفقُ لهُ

ولَهُ تهلِّلُ النجومُ في السماء

والمشاعر تعاودُ تشكُّلَها

كل مرة تنصِتُ وتصِيخُ إليهِ

والأنفاسُ  تتجددُ

والروحُ والدماء

هي موئلٌ دائمٌ للإحساسِ

بجمالِ الحياة

هي التألقُ للجمالِ 

ونطاقِهِ الساطعِ الوضّاء

هي نبعُ إلهامٍ

بصوتِها وسكناتِها وحركاتِها

هي شجنٌ للروحِ والفكر

ومحركٌ للمشاعرِ هي 

وهي للإبداع زادٌ وغذاء

فترنمْ يا هاجسي 

بما لها

من حضورٍ في النفسِ 

وما لها من صدى

واطلقْ أحاسيسَك دون تردد

فلديها ما يُلبي ويُروي ويُشبعُ

كما أن لديها في صوتها

من الغلواءِ دواء.

عبدالعزيز دغيش في نوفمبر 2025 م


((قد لا نلتقي )) بقلم الشاعر/شاكر الياس

 ((قد لا نلتقي ))


بقلم/شاكر الياس 

شاكر محمود الياس 


العراق/بغداد 


بتاريخ/٩/١١/٢٠٢٥


قد لا نلتقي بعد الأن 

أو تجمعنا صدفة 

حبك لا يتكرر 

مثل باقي الفصول 

لا يشبه أي 

ظرف عرفنا طبعه 

في لحظة كنت 

الربيع الساحر 

وأخرى غيثا 

حين شح المطر 

رحلت تذرف الدمع 

نارا وجمرا 

خريف عمرك لم 

يحن قط 

حبك جاوز المدى 

سار بي 

في أفق فسيح 

فقدتك عنوة 

وتجرعت مرارة الغياب 

مثل سم زعاف 

أين أنت 

هل أراك أيها العزيز 

ويحل الوداد 

أبدد لحظات الشك 

وسني القلق 

أرسم في الخيال 

جنان ومروج 

أنبذ كلمات الوداع 

من قاموس 

روحي المتعبه 

أجمل ألوان الصوره 

اطبعها بين 

الجفون واللحاظ 

أنت الأداة والغرض 

يهواك خافقي 

مذ رحلت بعيدا 

جل أوقاتي فراغ 

تسألني أماكن 

كنا نرتادها عنك 

اقول قد رحل 

ويمتزج في لحظة 

الدمع والصراخ 

هل حل بي اليأس 

أنا لو 

أحصيت كل 

كلمات العشق والهوى 

ما رأيت 

في حديثك غش 

نقي بلون اللؤلؤ 

ضوء وبصيص 

له ومض خالج الروح 

كنت أجمل الأشياء 

وأحلى ملاذ 

أنت الأول دون 

ثان ولا ثالث 

يقتلني صمت له أنين 

يلوك ذاتي الممزقة 

وأصرخ تعال 

فقد صعب الأمر



رعشة الوجود بقلم الكاتب إبراهيم العمر

 رعشة الوجود

إبراهيم العمر 


حين تنسجني تلك الرعشة،

لا تفعل ذلك كخيطٍ عابرٍ في نسيج الجلد،

بل تتمرد تحت بشرتي كوهجٍ واعٍ،

كجمرةٍ تعرف أنها تحترق لتضيء ما لا يُرى.


تتمدد على جسدي كوشاحٍ من موسلين شفاف،

لا ليستر، بل ليكشف ما تخبئه الروح من ارتجافاتٍ خفية،

تحكي لي كما تحكي الألعاب الوديعة في واجهات المحلات

لأعين الأطفال التي لم تتعلم بعد كيف تحلم،

تحكي عن عوالم لم تُخلق بعد،

عن احتمالاتٍ تائهة في زوايا الزمن.


تشفق عليّ كما تشفق العيون المكللة بالفحم

من وخزات التنهدات،

من دوار الروح حين تتأمل نفسها في مرآة الذاكرة،

وحين تهدهد القلب المتعب بنغمة الحنين،

تضلل الخيال،

تدفعه إلى التيه في نسائم الذكرى،

كمن يسير في مشاوير لا يعرف لها بداية ولا نهاية،

كمن يبحث عن ذاته في ظلال الأشياء،

وفي صمت اللحظات التي لا تُقال.


ظلك بقلم الكاتبة خديجة شاطر الجزائر

 ظلك 


ظلك الممتد على الطريق 

يمنعني من العبور

إليك..

كأ ن العتمة غطت على كل

احلامي

فأجدك عالقا وسط الزحام

وأنا أسافر 

إليك ..

دون تردد

أبحث عنك دون ملل

وحده الحياة 

و عطرك

تنعشني حين تعبر 

أنفاسك أنفاسي 

و يتنهد القمر

عشقا سرمديا

فتغار النجوم

و لا مفر لها

من رقصة عتاب 

على قارعة السماء

تترنح

و تمطرنا ضياء 

يا أنت يا ظلك الغريب 

يا كل ما حلمت به 

و مازلت 

أتذوق عبق

الشوق 

والهفة إليك

و ظلك 

يرحل بعيد 

وانا أطاردك 

رغبة في الإمساك 

بك 

لأتعثر في أحضانك

و الموت عشقا 

ولا يكفيني 

وحدك تطفء سكرة 

الجنون 

خديجة شاطر الجزائر



قراءة أولية في قصيدة : «مــَن..يطهّرني من دنس الركض؟» لمحمد المحسن بقلم (خالد الصلعي-ناقد من المغرب الشقيق)

 محمد المحسن

إنّ الكلامَ على الكلام صعب (التوحيدي)

و..هذا..ما قيل عني..بل عن قصيدتي الموسومة ب" من يطهرني..من دنس الركض"

                  (شعرية التشظي)


*قراءة أولية في قصيدة :

«مــَن..يطهّرني من دنس الركض؟»

لمحمد المحسن

كنتُ كما كان جدّي نبضا..يخاف السقوط

بفوهة المستحيل

ويخشى سهاما تصيب من الخلف..من ألف خلف

تخدش الرّوح

تطيح بأضلعنا... في منعطف للثنايا

وترسلنا إلى الموت في موعد غامض..

وكان أبي مثل جدّي تماما..أصفى من قمرين معا

يحبّ الرحيل..إلى أيّ شيء

يحبّ بلادا ويرحل عنها

لكنّي أراه يكفكف دمعا

كلّما رأى برعما غضّا يتهاوى

أو كوكبا مستفيضا..يتشظى

ثم يستحيل في هدأة الفجر

شظايا..منثورة في الفضاء

..ههنا الآن وحدي على مقعد لست فيه

أهذي لأسمع نفسي

أتحسّس درب اليمام على سطح قلبي

أستعيد ولادة عمري

أدافع عن زهرة لوز

تضوّع عطرها بين الثنايا

هي قصيدة تشبه تجربة حياتي ،ومهما كانت الأسباب التي دفعت صديقي الناقد والقاص التونسي "صلاح مورو " ،لتقديمها لي،فإني أجد وراء هذه الصدفة الفنية الرائعة أسبابا غامضة،ربما كان هناك شيئ لايعلمه أحدنا عن وصول هذه القصيدة الي،وانا من المؤمنين بالخوارق والغوامض وما وراء الطبيعة،خاصة وأنا لم أكن أعرف قبلا الصديق محمد المحسن الشاعر التوننسي الكبير،وحين أطلق وصف الكبير فأنا لا أطلقه جزافا،بل ان صراحتي في النقد وعزوفي عن نقد الكثير مما يعرض علي تسبب لي في جفاء كثير من الأصدقاء،وهذا شأنهم طبعا،لايمكن أبدا بناء صداقة ما على أسس زائفة .

فحين تجتمع في القصيدة شروط أربعة تصبح قصيدة قابلة لأن تسكن مملكة الشعر،وحين يختل شرط واحد يمنع عليها ولوج مملكة الروح/الشعر،و أظن أن قصيدة محمد المحسن جمعت بين حواشيها تلك الشروط وأوفتها حقها وزيادة .

فقد كان التركيب سلسا والصياغة انسيابية والخيال وثابا وخصبا،والموسيقى تستقي من موضوعها ألحانها ومقاماتها،فكانت قصيدة مفتوحة نوافذها على مساحات جمالية باذخة ، عمدت الى تناول موضوعها بفنية عالية،ليس أدل عليها أن الشاعر استطاع أن يجمع بين ثلاثة أجيال في تعبير مقتضب ومكثف،ليمنح قصيدته احدى شروط الحداثة الشعرية بإعتبارها تضعيفا للمعنى وتكثيفا للرؤية،في كلمات قليلة،يقول الشاعر:

كنتُ كما كان جدّي نبضا..يخاف السقوط

بفوهة المستحيل

هكذا يجمع الشاعر بينه وبين جده في موضوعة الخوف من السقوط،وهي موضوعة تتعلق بنوع من الرهاب الاجتماعي والسياسي،التي باتت المجتمعات العربية مسكونة به الى درجة الامتثال لكل رموز الخوف في العالم العربي بدءا من الحاكم الجائر،وليس انتهاء بالمشي في الشارع،لكن الشاعر يقرن خوفه بفوهة المستحيل،وحين نفكر أو نتأمل في علاقة الإسناد التي تجمع بين الفوهة والمستحيل نجد أن الشاعر استطاع بحدسه الفني أن يختزل المستحيل رغم طبيعته اللاتوقعية والمنفتحة بفوهة،وهي ذات شكل معلوم ومحدد،كأنه تصوير دقيق لحالة الشعب العربي المنفتح على كل احتمالات التوهج والابداع والازدهار،لكنه مرهون في فوهة الأنظمة الديكتاتورية العربية،فالفوهة سواء كانت فوهة مدفع أو فوهة بركان فهي لا ترسل غير الدمار والخراب،وهذا قدر من ارتهن لفوهة الأنظمة العربية التي لاتزال شظايا بارودها تمزق أجساد الأبرياء،وحمم براكينها تشوي الجلد البشري .

هكذا تحمل الذات الشاعرة عبئا فوق عبء،عبء الذات،وعبء المجتمع،خاصة والشاعر يقف عند فترة جده وهي فترة يمكن قراءة وجودها بلحظات النضال ضد المستعمر ونيل الاستقلال ، حيث ابتدأت طقوس توزيع الغنائم وسد الطرق والتسلط على الشعوب العربية،وهو ما عبر عنه الشاعر بلغة شعرية تروم انزياحها الفني كشكل تعبيري راقي اذ يقول:

ويخشى سهاما تصيب من الخلف..من ألف خلف

تخدش الرّوح

تطيح بأضلعنا... في منعطف للثنايا

وترسلنا إلى الموت في موعد غامض..

ليس الجد وحده من يخشى سهام الغدر،هذا الغدر الذي تعددت مصادره وأصبح شبيها بعادة تبناها العربي كقاعدة لمختلف تعاملاته ومعاملاته مع أخيه،وقديما قال الشاعر العربي،"وظلم ذوي القربى أشد مضاضة من وقع الحسام المهند".فالسهام لم تكتف بالجسد،بل وصلت الى عمق الروح،وكم كان تعبير الشاعر رائعا وهو يكني حالة التوجس والقلق التي تنتابنا في انتظار الضربة القاضية التي تقضي علينا تماما في وطن كنا نتوق ونحلم أن يمنحنا الأمن والطمأنينة بالموعد الغامض ،بيد أنه أصبح كغابة مأهولة بالكواسر والوحوش المتعطشة للدم العربي . فعبارة موعد غامض تحمل شاعريتها في انفتاحها على حياة تطبعها انتظارية عدمية لموت عبثي قد يصيبنا في أي لحظة.

لنصل بتخلص شعري رائع الى الجيل الثاني من السحق العربي،جيل الآباء الذي كابد تجربته غربة،سواء كانت الغربة داخلية اوخارجية،قسرية أو طوعية،فرغم صفاء البسطاء وطهرهم  الا أن هذا الصفاء والطهر يكاد يكون السبب الرئيس لبؤسهم ومأساتهم،وهو ما عبر عنه بجلاء أحد الحكماء الغربيين،مما فرض على الأب رحلة الاغتراب والرحيل الأبدي،وإن كان رحيلا الى العدم الذي عبر عنه الشاعر باقتدار ب"الى أي شيء" كناية عن مدى فداحة الهرب من العبث والخواء الذي ملأ مساحات الوطن العربي من الماء الى الماء.

هكذا يصبح الشعر مع محمد المحسن شعر رسالة الانسان العربي،دون أن يغفل الأبعاد الفنية،فالفن هو توليف الانساني بالفني في صورة متكاملة،كأن الشاعر يمتثل لمقولة تولستوي:"لا يجب أن تكتب إلا في اللحظة التي تشعر فيها أنك عندما تغطس ريشتك في المحبرة تترك طرفا من لحمك داخلها"،ولا يكتب الا حين تملي عليه الكتابة الشعرية رؤيتها وقد امتلأت بلغة تتأسس على الجمالي وعلى الفني دون أن تنسى رسالتها الانسانية السامية .

"لا يجب أن تكتب إلا في اللحظة التي تشعر فيها أنك عندما تغطس ريشتك في المحبرة تترك طرفا من لحمك داخلها" تولستوي ،وهو ما يصنعه محمد المحسن،فالقصيدة ترفل بنسغ الشعرية ذات الأبعاد المختلفة،اذ تحتفظ بجمالية الشعر وهي تؤدي رسالتها الاجتماعية والسياسية،وتحتفظ بسلاسة التعبير رغم اغراقها الرمزي والاحالي الى متون المعيش واليومي والتاريخي،أن تكتب الشعر،يعني أن تذوب في الكون،أن تصبح أنت كل شيئ،وهذا ما يعجز عنه أغلب الكتاب والشعراء الا قلة قليلة .

ان بنية المقطع الأول من القصيدة تبرز لنا أن الشعر حين يكتب بعشق فانه يمنحك من عنده كل مفاتيحه،فالشاعر لم يغفل بنية واحدة من بنيات القصيدة الحداثية،كالموسيقى مثلا،فتجاور الحروف في:

كنت كما كان جدي نبضا..يخاف السقوط

بفوهة المستحيل

فقراءة بسيطة للمقطع تجعلنا نلاحظ تجاور حروف الكاف ثلاث مرات والنون أيضا،وحرف الفاء مرتين والسين ايضا مرتين،مما يعطي للشذرية أو للسطر،حسب الإختيار النقدي ، موسيقاه الداخلية النابضة بالحيوية،لتأخذ الموسيقى حظها الجمالي ووظيفتها الدلالية،التي ترسخ المعنى في وجدان القارئ .

وبذلك يكون الشاعر قد اعتمد بذكاء فني على كل المكونات التي تمنح القصيدة بعدها المتكامل، حيث يجعل القارئ يعلن بافتخار أن الشعر العربي ما زال بخير .

واذا كانت هيمنة التيمة النواة،تجبر الشاعر على العودة الى سردية تجربة الأجيال الثلاثة،فانه يعود اليها وقد حمل معه كل أدوات الفن الشعري الذي أصبح يتقاطع فيه الشعر مع النثر ليمتح شعريته من كل ممكنات اللغة والكتابة والإحساس الدقيق بنوعية وجنس الكلمة واللفظة،وليس استدعاء الجد والأب في تعاطيهما مع تجربتهما استدعاء اعتباطيا،بقدر ما هو نمط من تكثيف الواحد في المتعدد واعطاء تنوع الوحدة ووحدة التنوع تجسيدها الفني والجمالي في قصيدة لا تؤمن الا بفسحة الجمالية التي تتجاوز التقييد والحد :

وكان أبي مثل جدّي تماما..أصفى من قمرين معا

يحبّ الرحيل..إلى أيّ شيء

يحبّ بلادا ويرحل عنها

لكنّي أراه يكفكف دمعا

كلّما رأى برعما غضّا يتهاوى

أو كوكبا مستفيضا..يتشظى

ثم يستحيل في هدأة الفجر

شظايا..منثورة في الفضاء

لم يعد القمر مثال الاكتمال والجمال في عرف شاعرنا،وان كان يعني بهما ما بقي من ثلاثية الأجيال،أنا النصية وجدها،فالأب الذي قد يختزل الابن والجد،أصفى من قمرين،لأن منطق التطور العقلاني والانساني الطموح يفترض دائما التجاوز والارتقاء،ثم لا ننسى أنه واسطة العقد هذه المكانة التي طالما تغنى بها التراث العربي،انه الجسر الذي يربط بين جيل،فهو أمل الجيل الأول ونموذج الجيل الثالث،لذا كان همه الرحيل وان نحو المستحيل،وهو رغم حبه للبلاد الا أنه يهجرها،لكن الفراغ الذي يتركه الشاعر تاركا للقارئ مهمة ملئه،هو لماذا يهجر الانسان بلادا يحبها ؟ ألم يقل الشاعر العربي بيته الشهير ؟

"بلادي وان جارت علي عزيزة..وأهلي وان ضنوا علي كرام"

لكن شاعرنا عمل بحكمة الشنفرى حين أنشد :

"وفي الارض منأى للكريم عن الأذى..وفيها لمن خاف القلى متعزل.."

فمن تدمع عيناه لذبول برعم،وكم كانت الصورة معبرة حين أسند التهاوي للبرعم،فالبرعم هو النبتة الأولى للزهرة،وهو لم يلحق بعد مرحلة التهاوي،لكن التفاتة الشاعر لخصيصة الشاعر الذي يعتبر نفسه دائما كائنا برعميا لم يتفتح بعد في انتظار قصيدة لن تأتي تعلن تفتحه وشاعريته،كانت التفاتة غنية بالاشارات الاستعارية،خاصة وأن مقابلة البرعم بالكوكب المتفيض وهو يتشظى تعطينا رؤية بل لوحة غاية في الجمالية،سواء نظرنا اليها من زاوية تمثل الشاعر لذاته،أو من زاوية آلة الأنظمة العربية التي لا تفرق بين صغير وكبير،بين مكتمل ومن في طور التكوين.ليعيدنا الشاعر بلغته الانزياحية العالية الى الى صورة" أي شيئ"،حين يستحيل الى شظايا منثورة في الفضاء،هذه هي رحلة الشاعر،رحلة التشظي في متاهة الفضاء المفتوح المتمدد .

لا يلتزم الشاعر بأي قيد عروضي أو

شكلي ،فشاعرية الانفتاح على الشعرية التي ترفل بها اللغة العربية هي بوصلته الى تحقيق موسيقى شعره،وهي عملية تتطلب دربة وعشقا للغة العربية وشعرها،فلو قطعنا السطر الأول مثلا نجده يتفكك الى التفعيلات التالية :

مفاعلتن / فاعلاتن / فعولن/مستفعل/فعلن /فعلن

وهي تفعيلات قد تتواجد في أكثر من بحر،بعد ادخال الزحافات والعلل،إلا تفعيلة الوافر، مفاعلتن،التي يختص به فقط بحر الوافر،فان باقي التفعيلات يمكن أن تتضمن في أكثر من بحر، مما يجعل البحور الشعرية مفتوحة على بعض ويوفر للقصيدة العربية موسيقى خارجة سياق الشكل المتحجر والنمطي.

نخلص من كل هذا أن الشعرية قد تتوفر بالإنصات الى الذات،والإنصات الى الذات مقام الواصلين الى الكون عبر التأمل الوجداني،وقد أخذتهم اللغة في كونها الممتلئ بأسرار الكون والحياة .

ولنا عودة الى القصيدة ككل .


(خالد الصلعي-ناقد من المغرب الشقيق)


*تنويه: المقاربة أعلاه خصني بها صديق/ناقد مغربي ( خالد الصلعي)،وهي تتعلّق بقصيدتي المعنونة ب:" من يطهرني..من دنس الركض" التي تفضلت مؤسسة الوجدان الثقافية التي يرأسها الشاعر التونسي القدير د-طاهر مشي بنشرها.علما أن القصيدة المرفقة بمقاربة الناقد المغربي العزيز نشرت بصحف مغربية،وعربية.



هوى يعتريني .. بقلم الشاعرة رفا رفيقة الأشعل

 هوى يعتريني ..


هوًى يعتريني منهُ كمْ كنتُ أتّقِي

ويغرقني في يمّهِ المترقرقِ


ألا هَلْ درى مَنْ أيقظَ القلبَ للهوى

بأنّ اصطباري منذُ غابَ مطلّقِي


وأنّ هواهُ النّارُ تصهرُ مهجتي

وتأتي على الأضلاعِ دونَ ترفّقِ


وعندَ الوداعِ القلبُ طالَ خفوقهُ

ودمعي همى كالعارض المتدفّقِ


سهرتُ أناجي البدر والقلب يشتكِي

وأسهرني من باتَ غيرَ مؤرّقِ


وجيشٌ من الأشواقِ كالبحرِ زاخرٌ

يهاجمُ صبري فيلقٌ إثرَ فيلقِ


بطبعٍ وأخلاقٍ على الخيرِ تنطوي 

ونور جبينٍ دونه كلّ مُشْرقِ


أعدتَ الصّبَا للعمرِ بعدَ ذبولهِ

فأورقَ من أغصانهِ كلّ مورقِ


وما من شرابٍ قدْ روتني كؤوسهُ

ودنّ الهوى منهُ أعبُّ وأستقِي


فكانَ بطعمِ (الموتِ في كأسِ لذّةٍ)

يتعتعنِي ( كالبابليّ المعتَّقِ )


وطال اتّقائي للهوى وشقائهِ

إلى أنْ جلبتَ اليومَ ما كنتُ  أتّقي 


أيا حبّ ما أبقيتَ منّي بقيّةً

سوى مهجةٌ حيرى وقلبٌ معلّقِ


وتثني صروف الدَهر عنّا يدُ الهوى

وأرواحنا بالحبِّ تصفو وترتقي


             رفا رفيقة الأشعل


في رهاب العَجْز بقلم الشاعرة سعيدة باش طبجي☆تونس

 ☆《في رهاب العَجْز 》☆


أنا هُنا فِي رهابِ العجزِ والوَجلِ

واللّيلُ يمْضُغُني والشّعرُ ينْشزُ لي 

أتُوقُ أقْوَى على عُقمٍ بقافيتي

تِيهٍ بِبَوْصَلتي..عَتْمٍ بمُعْتَقَلي

أرُومُ  نفْحًا من الأشعار يَمْهُرُني

بيْتا ظليلًا بفَيْء النّور والأملِ

لكنّني لا أرى في النّبْض بارقةً

إلاّ فُلولًا من الأوْجاع والعِللِ


             ☆☆☆

قد كنْتُ أحْسَبُ أنّ الشّعرَ يحْمِلُني

إلى أقاصٍ بِهَامِ النّجْدِ والجبلِ

وها أنا في الثّرَى ولْهَى مُقيّدةٌ

محْجُورةُ الصّوتِ والألْحان والجُمَلِ 

مكْلومةٌ و يراعي ريشةٌ ثُلِمَتْ 

مغْلولةٌ وجناحي قُدَّ منْ قُبُلِ

مغمُورةٌ دَرْبُ أشعاري.. مُحنّطةٌ

أحلامُها في الثّرى..مَوْصُودةٌ سُبُلي

مُباحةٌ...و مَراتِيجي مُحَطّمةٌ

قدْ فُلَّ عزْمي وأرْسَى في هُوَى الخَلَلِ


                ☆☆☆

غاضَتْ يَنابيعُ حُلْمي ..مَنْ يُفجِّرُها.؟

ويَسْكَبُ النّورَ و الأنْداءَ في قُلَلي؟

ماذا أقولُ لأوطانٍ بِلَا وطنٍ

بِيعَتْ بلا ثمنٍ... في سَاحة الخَطَلِ..

ماذا أقولُ لأطفالٍ بلا سَنَدٍ

ضاعتْ براءتُهم في لُجَّةِ الزّللِ

ماذا أقولُ وماذا لا أقولُ أنا؟

قد أُلْجِمَ الحرفُ بالأوجاعِ والخَجلِ..

وضاقتْ الأرضُ بالأوْصابِ ما رَحبَتْ

وصُودِرتْ نخْوةُ الصّنديدٍ والبطلِ

واسْتَفْحلَتْ موْجةُ الأوْجاع تجْرِفُني

تُلْقِي بعُمْري على شَطٍّ من  الشّللِ

فمنْ يرُمُّ جروحٌا  سالَ نازفُها  

نهرًا من القيْحِ و الأعْتامِ في المُقَلِ؟


                 ☆☆☆

هذي حُروفي عِجافٌ...مُحبَطٌ قلمي

والشّعرُ  مُخْتبِطٌ في حَمْأة الوَجَلِ

أهزُّ جذْعَ نخيلِ الشّعر...يَهْزأ بي

يلْقي عَلىَّ  مُلاءاتٍ من الوَحَلِ

عُرْجونُ قافيتي  عارٍ  بلا رُطَبٍ

والعذقُ في نخْلتي عَارٍ من الحُلَلِ

یَمُجُّني الحبرُ والقرطاسُ في قَرفٍ

وفي الیَراعِ صَديدُ العُقْمِ والفَشلِ

والأرضُ تصْرُخ ولْهَى لا تطولُ مدًى

على رَصيفِ  الأذّى والذُّلِّ لم تَزَلِ

والکونُ قبْوٌ وهذا الأفقُ مِجْمرةٌ

و البيْتُ رَمْسٌ بعصْرِ الدّاء و العِللِ


                  ☆☆☆

ما حِيلتي؟ ليْسَ لي إلّا قميصُ أسًى

يلفُّني  بدِثارِ السُّقْم والمَللِ

وليْسَ لي غيْر ذكْرى مِن جميلِ هوًى

رَمَتْ بشَوْقي إلى تغْريبةِ الطّللِ


أدْمنتُ حرْفي ولكنْ خَانَني وَجَعي

وامْتصّ أخْيلتِي جوْرا على عَجلِ

لم يُبْق لي أحْرُفا أو بعضَ قافيةٍ

حتّى أشاركَ في أهْزوجةِ الأملِ


سأكْتفِي بشُجُوني أنْسَ قافيتِي

وأرْفضُ العيْشَ في دَوّامة الجَدَلِ

وأتْركُ الشّوقَ والأوجاعَ تُبْحِرُ بي

(أنا الغريقُ فمَا خوْفي مِن البَلَلِ؟)*


    《سعيدة باش طبجي☆تونس》


مضَارُّ الحوارِ معَ الأحمقِ ..(الحلقة الأولىٰ) كتبها الشاعر الناقد/ سامي ناصف

 مضَارُّ الحوارِ معَ الأحمقِ

     ..(الحلقة الأولىٰ)


إِنَّ الحِوَارَ مَعَ الأَحْمَقِ مَضْيَعَةٌ لِلعَقْلِ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ مَضْيَعَةً لِلوقتِ؛ فَهُوَ لَا يُصْغِي إِلَى حُجَّةٍ وَلَا يَعْقِلُ بُرْهَانًا، بَلْ يُنَازِعُ لِيَظْهَرَ، وَيُخَالِفُ لِيُعْرَفَ، وَيَغْضَبُ إِذَا أُفْحِمَ كَمَنْ فَاتَهُ مَوْكِبُ الجَهْلِ. 

تُكَلِّمُهُ فَيَرْفُضُ الفِكْرَ، وَتُسَاجِلُهُ فَيُسِيءُ الفَهْمَ، فَيَجْعَلُ مِنَ الحِكْمَةِ سُخْرِيَّةً وَمِنَ البَلَادَةِ مَجْدًا. 

وَلِذَلِكَ كَانَ صَمْتُ العَاقِلِ أَمَامَ الأَحْمَقِ فِعْلَ حِكْمَةٍ، لَا عَجْزًا، وَإِعْرَاضُهُ عَنْ الجِدَالِ سَمْوًا، لَا خَوْفًا؛ فَمَا أَشَدَّ أَنْ تُلْقِي جَوْهَرَ الكَلِمِ فِي بِئْرٍ مِنَ الغَفْلَةِ لَا قَاعَ لَهَا.

ومنْ أخطرِ ما يُبْتلىٰ به العاقلُ أنْ يُحاورَ أحمقًا، إذْ إنَّ الحُمْقَ يحجبُ صاحبَه عن فهمِ الحجةِ واستيعابِ المنطقِ، فيتحولُ النقاشُ معه إلىٰ جدلٍ عقيمٍ لا طائلَ من ورائِه.

(الأحمقُ) لا يسعىٰ إلىٰ الحقيقةِ، بلْ إلىٰ الغلبةِ، ولا يقصدُ الفهمَ، بلْ الإقناعَ بما في رأسِهِ من جهلٍ، فيقلبُ المَعاني، ويُسيءُ التأويلَ

 فالحوارُ معه يبدِّدُ الطمأنِينة، ويزرعُ الضغائنَ، ويجعلُ العاقلُ في موضعٍ لا يليقُ به.

السكوت أمَامَهم أولىٰ.....................!

وقاكم اللهُ من حوارِ الحمقىٰ.

كتبهاالشاعر الناقد/ سامي ناصف



الاثنين، 10 نوفمبر 2025

رِثَاءُ ضِرْسِي. بقلم الأديب حمدان حمّودة الوصيّف... (تونس)

 رِثَاءُ ضِرْسِي.

رَفِيـقَ الثَّـغْـرِ مُـنْـذُ بَـدَا شَـبَـابِي      

وشَـاهِــدَ فَـرْحَـةِ الـدُّنْـيَـا بِـبَـابِي

وعَـالِـمَ مَـا أُذِيــعَ عَـلَـى لِــسَـانِي       

وصَـوْلَةَ خَاطِـرِي وشَـجَا عَذَابِي

تُــغَـادِرُنِي وقَـدْ بَـرَقَـتْ بِـرَأْسِـي       

سَوَاطِعُ لِلْمَشِيبِ عَلَى الشَّبَابِ.

تَـرَكْتَ فَـــمًـا أَظَـلَّـكَ أَرْبَــعِــيـنَـا        

وزِدْتَ ثَلَاثَةً فَـوْقَ الـحِـسَابِ.

أَتَـتْـرُكُـنِـي بِـــأَرْضٍ كُـنْتُ فِـيـهَـا       

غَرِيبَ الـدَّارِ مُنْعَـدِمَ الصِّحَـابِ

وتُـدْفَـنُ فِـي تُـرابٍ لَسْتَ مِـنْـهُ      

وتَـذْكُــرُ فِـيــهِ أَيَّـامَ الـعَــــذَابِ؟

أَضِـرْسَ العَـقْـلِ، أَيْنَ حِجَاكَ لَمَّا        

تَـرَكْتَ فَـمِـي بِـدَارِ الاِغْـتِـرَابِ؟

أَضَـرَّكَ أَنَّـــنِـــي أُلْـجِـــمْـتُ حَــتَّـى       

تَـخَفَّى القَوْلُ مِـنِّـي عَـنْ نِـخَــابِـي؟

وأَنِّـي لَــسْتُ نَـاطِقَ قَــوْلِ حَـقٍّ؟       

لَـقَدْ لُبِـسَ الظَّـلَامُ عَلَى الصَّـوَابِ

لَـقَـدْ ظُـلِـمَ الـكَـلَامُ وصَــارَ مِثْلِي        

سَلِـيبَ الـضِّـرْسِ مُـتَّـهَـمًـا بِـنَـابِ

ومَــنْ يَــقُـلِ الـحَـقِـيـقَةَ فِي زَمَانِي         

سَيُـرْمَى بِــالـجَـهَـالَـةِ والـسِّـبَــابِ

ويُــــتَّـــهَـــمُ الـــغَـــدَاةَ بِـكُـلِّ سُــوءٍ          

ولِــلـْـقَـانُـــونِ فِـــيـــهِ أَلْـفُ بَـــابِ.

فَـحَـسْبِي غُـرْبَتِي والشِّعْـرُ أُنْسِي        

وحَـسْبِـي أَنَّنِي أَشْـكُوكَ مَـا بِـي.

حمدان حمّودة الوصيّف... (تونس)

"خواطر" ديوان الجدّ والهزل"



قراءة لقصيدة – بين رُكامين نبتت وردة – للأستاذ الدكتور محمد سليط 9/11/2025 بقلم الكاتب طه دخل الله عبد الرحمن

 قراءة لقصيدة – بين رُكامين نبتت وردة – للأستاذ الدكتور محمد سليط 9/11/2025

القصيدة:

هناك

بين رُكامين نبتت وردة

تزهو من جديد

شقائق النعمان

لآخر بذرة

أمرأة تلد توأم

في الخيمة المجاورة

مات توأم

الأبطال يولدون مرتين

حمزة وهمسة

يصعدون في المساء

للسماء

عند الصباح يعاودون الكرة

لا تحاول

فجرُهم آت يملئ الكون

مجرة تلو مجرة

لا تقترب أبتعد

أرضهم أرتوت بدِمائهم

هم كانوا في صبحنا

في أحلامنا أقلامنا

ولدوا من دمائهم

نحن ولدنا وخوفنا

أما أنا غداً

سأعيدُ القصيدة كلها

لأُمِها

أُمُّنا الأرض تلفُظ الوجع

غيمةً دمعةً

لكنها لا تركن للغياب

ذاكرةُ المَكان في أَضلُعها

تسكُبُ الرّبيعَ حُريةً

مِن جذرِ شجرة الزيتون

التي ما مَالت للحق

نَحنُ جِئنا الآن نطردُ الخوف

مِن قُلوبِنا نُعلنُ ميلاد الأَبطال

فينا لنسير في الطريق

حيثُ الشمسُ لا تغيب.

بقلمي محمد سليط الأردن  

*******************

القراءة:

أيَّتها القصيدةُ التي تفوقُ جمالَ الوردةِ وعطرَها، وتعلو على صخبِ الركامِ وصمتَه!

إنَّها لوحةٌ شعريةٌ تختزلُ مأساةَ الأمَّةِ وأمَلَها، تصوغُ من الألمِ أغنيةً، ومن الدَّمِ زهرةً، ومن الموتِ حياةً. تبدأُ القصيدةُ بمفارقةٍ وجوديةٍ تبهرُ الألبابَ: "بَيْنَ رُكامينِ نَبَتَّتْ وَرْدَةٌ"، فَالرَّكامُ يرمزُ للدَّمارِ والخرابِ، والوَرْدَةُ ترمزُ للحياةِ والجمالِ، في تضادٍّ فنيٍّ يخلقُ صدمةً جماليةً للمتلقي.

وتتجلى براعةُ الشاعرِ في الانتقالِ من الصورةِ الحسيةِ إلى المعنى المجردِ في قوله: "أمْرَأَةٌ تَلِدُ تَوأَمًا فِي الخَيْمَةِ المُجَاوِرَةِ.. مَاتَ تَوأَم"، فالحياةُ والموتُ يتعانقانِ في مشهدٍ دراميٍّ واحد، ليصلَ إلى الحكمةِ العميقة: "الأَبْطَالُ يُولَدُونَ مَرَّتَيْن". وهنا تبلغُ البلاغةُ ذروتَها بتحويلِ الموتِ من نهايةٍ إلى بداية.

ويحفلُ النصُّ بمحسناتٍ بديعيةٍ متنوعةٍ، منها الطباقُ بين "يَصْعَدُونَ فِي المَسَاء" و"عِنْدَ الصَّبَاحِ يُعَاوِدُونَ الكَرَّةَ"، ومنها الجناسُ بين "حَمْزَةَ وَهَمْسَةَ" حيثُ يجمعُ بين القوةِ والخفاء.

وتظهرُ بلاغةُ النداءِ في قوله: "لا تَحَاوَل" و"لا تَقْتَرِبْ أَبْتَعِدْ"، مما يخلقُ حواراً درامياً مع القارئ، ويكشفُ عن حرمةِ المكانِ الذي "أُرْتُوْتْ بِدِمَائِهِم".

ويصلُ التضادُّ إلى ذروتِه البليغةِ في المقارنةِ بين "هُمْ وُلِدُوا مِنْ دِمَائِهِم" و"نَحْنُ وُلِدْنَا وَخَوْفَنَا"، فالدَّمُ رمزُ التضحيةِ مقابلَ الخوفِ رمزُ العجز.

وتتجلى روعةُ الاستعارةِ في "أُمُّنَا الأَرْضُ تَلْفَظُ الوَجَعَ غَيْمَةً دَمْعَةً"، حيثُ تحوّلُ الأرضَ إلى كائنٍ حيٍّ يشعرُ ويبكي، لكنها "لا تَرْكَنُ لِلغِيَاب" في صورةٍ مجازيةٍ ترمزُ لرفضِ الذلِّ والهزيمة.

وتُعْتَبَرُ "شَجَرَةُ الزَّيْتُونِ الَّتِي مَا مَالَتْ لِلْحَقِّ" رمزاً مركزياً في القصيدة، تجسّدُ الثباتَ والاستقامة، وتوحي بالصمودِ والأصالة.

وينتهي النصُّ بلوحةٍ ضوئيةٍ مفعمةٍ بالأمل: "حَيْثُ الشَّمْسُ لا تَغِيبُ"، فالشمسُ هنا تستعارُ للحريةِ والخلود، في خاتمةٍ موحيةٍ تتركُ أثراً عميقاً في نفسِ القارئ.

لقد استطاعَ الشاعرُ أن ينسجَ من خيوطِ المعاناةِ لوحةً شعريةً تخلدُ الصمود، مستخدماً ترسانةً من الأساليبِ البلاغيةِ والصورِ البيانيةِ التي جعلتْ من القصيدةِ نشيداً للبطولةِ وتحيةً للحرية.

فهنيئاً لشاعرٍ نسجَ من الألمِ أملاً، ومن الظلامِ فجراً، ومن الرمادِ وردة!

طه دخل الله عبد الرحمن

البعنه == الجليل

9/11/2025  



كش ، سقط الملك بقلم الكاتبة هادية آمنة تونس

 كش ، سقط الملك  


 تجرّعت الغابات رطوبة الليل، تسللت رياح باردة من قمم الجبال ثقُل عليها بخارها فتكاثفت ناشرة غلالة رماديّة من سميك الضباب غطى أشجار السنديان والفلين والتوت البريّ. لمعت قطرات الندى مع أول خيوط الفجر المتساقطة على مرتفعات " عين دراهم ". شبعت أحشاء التربة فانسابت المياه غزيرة إلى السفوح. كان التراب رطبا تحت حوافر الخيول العربيّة الأصيلة المشدودة العضلات التي ركبها الأعاجم ببزاة الصيد الأنيقة. تصاعدت عطور إكليل الجبل والزعتر منعشة للنشّاشة اللذين هرولوا بأقدامهم الحافية بين الغصون المتساقطة والأعشاب الشائكة صاخبين بأصواتهم قارعين بالعصي على الصخور والأواني هدفهم إفزاع الخنازير وإخراجها من جحورها.


تقدّمت الكلاب في خطوات خفيفة وسريعة، بعضهم يمسح بأنفه المرتعش أثر رائحة الخنازير النفّاذة. يتوقفون فجأة، تشتدّ آذانهم الواحدة تلو الأخرى، حينها يتمركز الآخرون في مواقع مفروضة لزاوية تضييق على الطريدة. يتوضّح المسار فتبدأ الكلاب في نبح منخفض متقطّع.


في التسارع الأخير، تتحكّم التضاريس. توقف الخنزير البريّ الضخم للحظة مثبتًا قوائمه، محاولًا المواجهة، ثمّ هرول هاربًا ملتفا بين الصخور وشجيرات العرعر


ما تهافتت كل الكلاب على الملاحقة؛ نظام حكيم ماكر: البعض يُلاحق، والبعض الآخر يلتقط أنفاسه، مختبرًا سرعة الخنزير وقيس المسافات الفاصلة بينه وبينهم.


في المنحدرات الحادة أجبرت الكلاب على إيجاد مراكز للثبات. شعُر الخنزير بأنه مُطوّق، فارتفع شخيره واشتدت رائحته المدفوعة بغزير العرق. رفع رأسه للترهيب، ارتدت الكلاب وتناثرت بين الصخور مطلقة عواءً غليظًا، نداء ارتطم بجذوع الزان، وهبط إلى السفوح حيث رُبطت الجياد.


الأرض لم تعد آمنة. يتقدم الصيادون بحذر شديد عبر الممرات التي يعرفونها، يصعدون بين الصخور العالية، أيديهم ثابتة على جذوع الأشجار لموازنة أجسامهم. يسيرون في خط مقوّس، حذرين، وبنادقهم مرفوعة في وضع إطلاق.


رغم الصخب كان المقيم العام الفرنسي هادئا لقد تولّدت في ذهنه فكرة خطيرة، فكرة لا يعرفها إلا هو، سيستعجل تنفيذها بعد انتهاء رحلة الصيد.


تأمّل الصيّادين الأوروبيين وهم يوزّعون خطواتهم بثقة خلف النشّاشة الفاتحين لهم الطريق المنسلّين بخفّة بين الصخور والأشجار،


" مهما تظاهروا بالحماسة فهم مجبرون على توظيف مهاراتهم يشاركون دائمًا في اقتناص ما يُطلب منهم اقتناصه"...


استشعر المقيم العام، وكأن مشهد الصيد ليس مجرد رياضة. ها قد انعقدت في ذهنه مقارنة لئيمة: في اندفاع الكلاب، رأى صورةً للمناورة حين تُحسن الانقضاض، وفي محاصرة الخنزير ما يشبه وضع ملكٍ يتأرجح عرشه تحت وطأة الضغوط.


كل خطوة يقطعها “النشّاشة”، وكل صفير يطلقه الصيّادون الفرنسيون لتضييق الحلقة، كان درسًا رمزيًا لطريقة يمكن بها قيادة الأمور في القصر الحسيني: الفرنسيون في موقع القيادة، التونسيون الضعفاء في موقع التابع، والملك في موقع الفريسة..

هادية آمنة تونس



قُـــزَحُ المعــــاني بقلم الشاعر / فتــــحي لــــطرش ــ

 قُـــزَحُ المعــــاني 

----------------


وَغرستُ في عُمْق الحُروفِ بِدايتي

وَبصمتُ في كَبِد السَّماء حِكايتي


وَنظرتُ في الأُفُقِ البَعيد مُسالما

وَنثرتُ في الشِّعرِ الفَصيحِ فَراستي


وَغرقت في لجّ البحور مُجازفا

شَطُّ الصبابَة مَرْفئي وَسلامــــتي


وَجعلتُ مِنْ وَجعِ الغرام شَريعتي

وَحكمتُ في هَمْس الكلام بآيــــتي


فَرميتُ أغطية الظلام بِسحرها

شَمس الشموس نُجَيْمَتي وهِدايتي


وَسكبتُ مِنْ قُزَحِ المعاني خِبرتي

فَتَولَّدَتْ في النبض روحُ رِوايتي


وَسَكرتُ في وَلهِ العيون مُفاخرا

ورضيتُ إِذْ خَتَمَ الغَرامُ نِهايتــــي


-----------------------------

بقلمــــي / فتــــحي لــــطرش ــ



أنتِ.. و ذاكرتي.. و ليل الشتاء بقلم الأديبة لطيفة الشامخي _ تونس

 أنتِ.. و ذاكرتي.. و ليل الشتاء


يجيء الشتاء و ليله المفتون بكِ...

ليله المفتون بكِ، يدفع الزمن الرّاكد

صوب استفاقة بعض الظلال...

تتملّى تفاصيلٓكِ الهاربة من الضوء

تهرول نحو ذاكرتي الغائمة...

كم يتقن وجهُكِ التخفّي

كم يتقن خدعة الظلال الصينية!

تتّسع أمامي بؤرة الضوء...

يتمدّد بعينيّ الظلام

و كل الحقائق تترجٌل..

تتقهقر في قفزة واحدة إلى الخلف..

نحو زمن مشروخ..

لأول شتاء..

و الليل يرفع مطرية دكناء

يتحوّل كل شيء إلى زجاج

ذكرياتنا.. أشياؤنا

شظايا بلور مكسور

هٓدمٌ هذه الروح

جلاّدها الليل و الشتاء

ميتة أنا..

و ليس بالتابوت

غير بقية ماء الغسول

و شرشف لتعرّقات السماء

طويل هذا الليل.. عميق هذا الحزن

و تردّدات أنفاسكِ

على ذبذبات النبض

تغزوني..

لكِ وحدكِ.. تستقيمُ الذاكرة

تقتات على بعض الحلم

و قصيدة ترفل في زمن الأمنيات. 


لطيفة الشامخي _ تونس

من ديواني " كلمات تولد من ضلع حواء "



قطار العمر*. بقلم الكاتب المنصوري عبد اللطيف

 ***قطار العمر***

مهلا ياصاح                                                                                  

  فقطار العمر ماض 

وسنوات الصبا 

إلى زوال 

وبوادر نهايتنا

شعيرات بيضاء

 تقتحم هالة سوداء 

على ناصية رؤوسنا

و حياتنا مجرد

أيام تنطوى 

أحلام تمسى

و واقعا نحياه 

وغدا يصبح أمسا 

وامس يصبح ماض

أين ذكريات الطفولة ؟ 

رفقاء الدراسة 

سنوات اللهو والمرح 

اين الفتوة؟

اين الشباب؟

كل إلى زوال 

فتغذو الحياة

مجرد شريط ذكريات 

 نتذكر 

نضحك أو نبكى 

ويمضى  كل شيء 

بعد انقضاء الرحلة 

كل شىء فى هذه الدنيا 

 إلى زوال

 كل جمع

 إلى شتات 

كل حي سيموت 

كل شىء هالك

 إلا وجهه

سبحانه

المنصوري عبد اللطيف

ابن جرير 10/11/2025

المغرب



نهاية الحكاية بقلم الكاتب سَعيد إِبْرَاهِيم زَعْلُوك

 نهاية الحكاية


جلست الحكاية على أطراف الليل،

تئنُّ تحت ثقل الكلمات الضائعة،

تغلق أبوابها برفق، كما يغلق الليل نافذة على المدينة،

وتهمس للغياب بما لم يُقال بعد.


الأحلام التي لم تولد بعد،

تنتظر ضوء الصباح،

والذكريات، حتى المرّة منها،

تتحول إلى نجوم صغيرة تهدي الليل،

ورائحة الغياب تمتزج بهمس الريح،

كأن الزمن نفسه يراقب خطواتنا الصامتة.


القلب يهمس باسمك،

ويبقي على ما بقي لنا من ضوء،

لعل الصمت يصبح لغةً تفهمها الروح،

والرحيل يتحول بداية،

وفي كل ظلٍ، نرى بصيص الأمل يلمع.


كل نهاية، مهما بدت حزينة،

هي دعوة لنكتب بأيدينا

ما لم يُكتب بعد،

بشغف، بحب، وبإصرار على ألا يزول النور،

ونمضي، حاملين معنا ضوء الحكاية،

ونؤمن أن الليل مهما طال،

هو مجرد مدخلٍ لفجرٍ جديد.


✍ سَعيد إِبْرَاهِيم زَعْلُوك



القوة الجوفاء بقلم الكاتب عبد الفتاح حموده

 القوة الجوفاء

لا أحد يقول لي إن أي امرأة يمكنها الاستغناء عن الرجل والعيش بمفردها. لا ننكر أن المرأة تستطيع إدارة الحياة الزوجية وتتحمل كل الأعباء بعد وفاة زوجها، بخلاف الرجل الذي ما يلبث أن يبحث عن زوجة أخرى إذا انفصل عن زوجته لوفاتها، أو في حالة الطلاق، أو حتى في حال الخلاف القائم بينهما.

ولكن يبقى أن المرأة تحتاج إلى وجود الرجل ليشاركها الحياة جنبًا إلى جنب، وتجد منه الاحتواء بكل أنواعه لتسعد بحياتها معه.

نحن نشعر أن المرأة قوية في تحمل الحياة بعد الانفصال عن زوجها لأي سبب، ولكن إذا انفردت بنفسها فإنها تشعر في قرارة نفسها بأنها كانت تتمنى ألا تكون كل الأعباء على عاتقها وحدها.

فالمرأة إذا تحدثت عن نفسها، تتحدث بمرارة لأنها تقوم بدور الأب والأم معًا بعد الانفصال عن زوجها.

وربما تحتاج المرأة إلى الرجل في أمر قد نراه بسيطًا، لكنها تراه مصدرًا للأمان والاحتواء. فهناك امرأة كانت تتمنى أن يعود إليها زوجها، ويضع يده في يدها، ويسير إلى جوارها على شاطئ البحر لتشعر أنها مثل غيرها من النساء، لها رجل في حياتها.

وهناك امرأة كان زوجها يعرض عنها عند المنام، وكانت تتمنى فقط أن يضمها إليه، لا أكثر.

والمرأة تخاف من الوحدة، ومن أن تتعرض لأي موقف تحتاج فيه إلى رجل، فماذا تفعل لو مرض ابنها في جوف الليل؟

حتى أولادها ينصرفون عنها عند زواجهم، وتبقى هي فريسة للوحدة والعزلة.

ووجود الرجل في البيت، حتى لو كان بعيدًا عنها ويعيشان معًا في طلاقٍ صامت، هو عنصر أمانٍ لها في وجوده.

وأمثلة كثيرة وردت في جانب مشاكل المرأة، حتى في الطرفة، فقد قيل لامرأة عجوز جدًا:

أيهما تفضلين، الزبادي أم الزواج؟

فأجابت: "ليت أسناني تقوى على تناول الزبادي!"

اعتقادي التام أن المرأة تضعف، أو تشعر بالضعف، إذا انفردت بنفسها في غياب الرجل عن حياتها، وأنا ممن يشفق على أي امرأة تعيش بمفردها، فكم من امرأة تتمنى الزواج من أي رجل، ولكن هناك موانع تقيدها وتحكم الإغلاق عليها، كالخجل، أو وجود أولادها، أو خشية أن يطالبها طليقها بالأولاد في حال زواجها، أو أن يطلب الشقة التي تركها لها لتعيش فيها وتربي الأبناء.

ربما يرى البعض غير ذلك إذا وجد الزوجة جامدة قوية، ولكني أراها أبعد من ذلك.

ولها الله في كل الأحوال.

مجرد خاطرة

عبد الفتاح حموده


على مهلك بقلم عبدالمنعم عدلى

 على مهلك

على مهلك عليا شويه

كنت مستنى

من زمن العاشقين

وإنهارده زمن مقلوب

واخد على

الغش والخداع

والكل ماشى

عكس الطريق

على مهلك عليا شويه يادنيا

أمانة عليك 

إن كان لسه عندك أمانة

تجيبى حبيبى معاك وإنت جايه

د.القلب فيه نار

بين الضلوع لظى

والقلب على أحر الجمر

من الفراق

منذ زمن

كاد الشعر يبيض والظهر ينحنى

ومابقى من الوقت قبل السكرات إلا رؤية الحبيب الأولى

فلزلت على إنتظار الميعاد

وأنا الذى تعب الصبر من طول صبرى

وغدا نرحل تحت التراب

وسوف أنتظر نظرة ثم الوداع لاأكثر

بقلمى عبدالمنعم عدلى


برغم القهر بقلم الشاعر محروس فرحات مصر

 ............برغم القهر.............

برغم القهر مازالت لنا همم

وأشياء لنا بالفرح  تهدينا


وبين جدارنا تنبت رياحين 

لها عبق وعطرا منها تعطينا


إذا غابت مشاربنا فذا دفء

يضم القلب بالريحان يطوينا


وتغدو فينا أحلام وما غربت

شموس الود إن غبنا تلاقينا


ومهما طالت الأيام والألم

سيأتي جميعها دوما يداوينا


فلا الجرح الذي بات على دربي

يدوم  بفعله  عبثا سيبكينا


فإنا قد خلقنا  بين أضلعنا

من الصبر جمالا كم سيكفينا


ولن نجزع إذا زادت مصاعبنا

وكل الصعب كم جاء يدانينا


فما لان لنا عزم وقد صار

كمثل الصخر ما تاهت خطاوينا


وإن شدت وما صار بها نور

وجدت الدرب قد هم فيأوينا


سلام ما هنا كانت  مكابحنا

فكم عثر نجونا منه يدمينا


وكم درب مشينا فيه لا نعبأ

بما صار وسرنا العز  يعلونا 


ثريات من النفس لها نور

وروح الود من ظلم تدارينا


ألسنا من تحملنا  متاعبنا

وما كان هنا من شخص يأوينا


وما مدت لنا يد بها العون

كأنا كنا في ثوب الشياطينا


ترى البعض وقد عبس فلا ود

ويأتي المر في كأس ليسقينا


وما قالوا لنا خيرا لنذكره

وكم مالوا إلى الظلم فيشقينا


وإن كان لهم فضل هنا هيا

وقولوا ماذا قدمتم فأشجونا


ومنهم من إذا  مر  على خبث 

وجدت الدرب موضوع به الطينا 


ولا كانوا لنا عونا على القهر

وهم قهر   يزيد إن  تلاقينا 


فلا طاب لهم سر إذا مروا

فمنهم من بحور القول يرمينا


ومنهم من إذا مر على الخير

يضيع منا لا يبقى فيغنينا


تصير الدنيا مثل الليل لا شمس

ولا دفء ولا أمن سرى فينا


عرفناهم فما كانوا لنا كسب

ولا كانوا لنا ردئا فيحمينا


ونتعب إن رأيناهم لهم سمت

غلول  إن رأيناه سيضنينا


حوارات لهم كانت بها الكذب

فإن قالوا وجدنا الجور تضمينا 


فما وضح لهم رأي وإن قالوا

سمعنا الإفك والبطلان يدمينا


أليسوا من بأقوال لنا سفكت

دماء كنا  نحفظها  تزكينا 


أليسوا بفعلهم قتلوا لنا حلما

وبين الموتى قد زادوه تكفينا


وفوق رفاتنا وقفوا بلا ندم

وحين قمنا ما كانوا بنادينا 


وبعض كلامهم صار كما النار

تحرق بعضنا الباقي وتلقينا


على درب به الشوك فما صلح

به الخطو ولا طابت ليالينا


دموع كم   ذرفناها وما كفت

ودمع العين  كم هم ليكوينا


طلبنا العدل ما جاء لنا أبدا 

وكم ضاقت بنا الأيام تطوينا 


وما هدأت لنا نفس وإن هدأت

وجدت عيونهم دارت لترمينا


بسوء فعالهم سرنا بلا هدف

وسوء الفعل  للإظلام يهدينا


سألت الله في صمت وفي جهر

لنا جبرا  وفي العلات تطمينا


محروس فرحات مصر


في حضرة الغياب بقلم الكاتبة زينة الهمامي تونس

 *** في حضرة الغياب***


تسربت إلي في غفلة مني

كأنك سر قديم سكن ملامحي

سرى في عروقي متدفقا 

كما يسري الوهم في الحلم

أنت جزء مني

حتى الفوضى التي تسكنني

 تحمل بصمتك المميزة

الصمت بين أنفاسي يهمس باسمك

أحاول أن أكون أنا

 لكنني أتعثر بك في كل زاوية مني

أجدك في مرآتي في عطري وفي حرفي

في نغمة ضائعة تعيد إلي ملامحك

أدرك أنني غارقة فيك

وأن هذا الحب جموح لا يروض

لكن كيف أهرب من قدري

وقد صار الجنون قاموسي

وذكراك طقوسي المقدسة

ظلك يرافقني حتى في الضوء

فأذوب ولا يبقى مني سوى الظل

فلا تسألني من أكون بعدك

فأنا لم أعد أعرفني

ولا أعرف متى ألتقي بي

كل ما أعلمه أني أغيب بغيابك

وأني لا أكتمل إلا بك


بقلمي: زينة الهمامي  تونس



فَهَلْ أَنَا صَبُّكِ الشَّارِي أَسَاهُ ؟!!! بقلم أ د الشاعر والناقد والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه

 فَهَلْ أَنَا صَبُّكِ الشَّارِي أَسَاهُ ؟!!!

بقلمي أ د الشاعر والناقد والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة

عَلَى مَجْدِ الْعُرُوبَةِ نَاحَ دَمْعِي=وَفِي قَلْبِ الْكَوَارِثِ أَنَّ شَمْعِي

ظَلَلْتُ أَصِيحُ مِنْ قَلْبٍ كَلِيمٍ=يُدَحْرِجُ حُزْنَهُ أَثْنَاءَ قَمْعِي

                                          ***

فَهَلْ أَنَا صَبُّكِ الشَّارِي أَسَاهُ=يُدَنْدِنُ قَهْرَهُ تَفْرِيقُ جَمْعِي؟!!!

أُوَجِّهُ ضَرْبَتِي لِبَنِيَّ قَسْراً؟!!!=وَأَخْذُلُهُمْ بِرَأْيِ الْعَمِّ لَمْعِي؟!!!

                                              ***

مَنِ الْجَانِي؟!!!إِذَا فَضْفَضْتُ بَوْحِي=بِوَادِي اللَّيْلِ يَا تَغْيِيبَ شَرْعِي!!!

أَغِيثُونِي..أَحِبَّائِي أَغِيثُوا=مُحِبًّا تَبْتَلِيهِ وُحُوشُ بَلْعِ

فَمَا ذَنْبِي وَحُبِّي قَدْ رَمَانِي=بِقَلْبِكِ وَاصْطَفَاكِ كَخَيْرِ دِرْعِ؟!!!

بقلمي أ د الشاعر والناقد والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة





الغرق اللذيذ بقلم الكاتب محمد مجيد حسين

 الغرق اللذيذ 

العودُ السّابعُ

من علبةِ الكبريتِ أخترقَ حصونها 

بثّ بعضًا من الذُّعر

في صمتها 

لا مناص 

من الغرقِ..

ولا ألوان للعتمة..

محمد مجيد حسين



" صلاح بن سالم بن محمد الغافري " ... شاعر عُماني فصيح يجمع بين العلم و الفن ... بقلم الكاتب : فايل بن سريد المطاعني ...

 " صلاح بن سالم بن محمد الغافري " ...

شاعر عُماني فصيح يجمع بين العلم و الفن ... 


بقلم : فايل بن سريد المطاعني ... 


صلاح الغافري، شاعر عماني أصيل، وُلد في 18 أكتوبر 1979 بولاية الرستاق، ووجد في الكلمة موطناً وفي الإيقاع هويةً، وفي القصيدة حياة ممتدة. منذ صغره، انغمس في قراءة الشعر العربي الكلاسيكي وكتب التراث، متأثرًا بالمعلقات ونتاج كبار الشعراء العرب في العصرين الجاهلي وما بعد الإسلام. شغفه المبكر بعلم العروض وبحور الشعر العربي رسّخ لديه حسًّا وزنيًا واضحًا وميولًا نحو الأسلوب العمودي الرصين، فبدأ كتابة الشعر في أواخر التسعينيات حين كان في العشرين من عمره تقريبًا.


إلى جانب عشقه للأدب، اتجه الغافري إلى الدراسة العلمية، حيث حصل على بكالوريوس الهندسة الكيميائية من جامعة شيفيلد في إنجلترا عام 2002، ثم تابع دراسته العليا ونال درجة الماجستير في هندسة البترول من جامعة هيروت وات في إدنبرة بأسكتلندا عام 2003. هذا المزج بين العلم والفن أضفى على لغته الشعرية عمقًا ودقة وتناغمًا فريدًا.


خلال فترة وجوده في المملكة المتحدة، ألقى الغافري عددًا من قصائده في أمسيات ثقافية بمدينة إدنبرة ومدينة ليدز، في محافل جمعت طلابًا ومهتمين بالشعر العربي، وكانت تلك المرحلة من أبرز محطات إبرازه كأديب قادر على الأداء الشعري المتقن.


مع بداية عام 2022، شرع الغافري في مرحلة جديدة من تجربته الفنية عبر تسجيل قصائده وبثها صوتيًا وإنشاديًا على منصاته الرقمية، ليصل اليوم رصيده إلى أكثر من 70 عملًا منشورًا على يوتيوب وإنستغرام، تتنوع بين الإلقاء الفردي والأعمال الإنشادية المشتركة. ومن أبرز أعماله:

«إمام المرسلين»، «استنهاض أمة»، «إربأ بنفسك»، «موطن الأمجاد»، «يا جنود الله هبّوا»، «من يفتدي»، و«الشهيد». هذه الأعمال تتسم باللحن الشعري القوي والإيقاع الهادئ واللغة الوجدانية.


كما تعاون الغافري مع عدد من المنشدين العمانيين البارزين، مثل عبدالهادي العبري، عبدالله الرحبي، منذر النعيمي، عبدالله السباعي، سالم الرحبي، ويحيى الرحبي، بالإضافة إلى مواهب إنشادية ناشئة مثل ناصر الحسيني والخليل الجرداني، ما عزز من تنوع تجربته الفنية وغناها الإبداعي.


ورغم عدم امتلاكه حتى اليوم ديوانًا شعريًا مطبوعًا، إلا أن الغافري يعمل على جمع وتنقيح نصوصه بهدف إصدار ديوان ورقي قريبًا، ليكون تتويجًا لمسار بدأه بين المكتبة التراثية والمنصات الرقمية.


وأبرز ما يميّز تجربة الغافري أنه لا ينطلق من مجرد الرغبة في القول، بل من قناعة بالدور العاطفي والوجداني للشعر في تشكيل الروح والوعي والذاكرة، ليظل اسمه علامة بارزة في المشهد الشعري العماني الحديث ...