الأحد، 9 نوفمبر 2025

لِلشَّذَا فِي دَمِي مَوْعِد شعر الأديب: محمد علي الهاني - تونس

 لِلشَّذَا فِي دَمِي مَوْعِد

                                                                               شعر: محمد علي الهاني - تونس

                                                                          لِلشَّذَا فِي دَمِي مَوْعِدٌ 

والْمَسَافَةُ بَيْنِي وبَيْنَ الشَّذَا

قَمَرٌ فِي الْخَمِيلَةِ

يَحْمِلُ فَجْرَ اللِّقَاءِ ولَيْلَ الْفٍرَاقْ.


*** 


لِلشَّذَا فِي دَمِي مَوْعِدٌ...

يَسْتَفِيقُ النَّدَى فِي دَمِي

نِوْرَسًا عَاشِقًا

تَغْزِلُ الْمَوْجَ أَلْحَانُهُ

وَطَنًا...، وَرْدَةً...وبُرَاق.


 *** 


تَسْتَفِيقُ الرُّؤَى 

فِي مَرَايَا النُّجُومِ عَلَى جُثَّتِي

حُلُمًا شَاسِعًا=

حُلُمًا رَاحِلاً فِي هَدِيرِ الْمِيَاهِ

بِهِ يَسْتَرِيحُ الشَّهِيدُ،

يُضِيءُ فَوَانِيسَهُ،

و يَجْمِّـعُ مِنْ ضِفَّتَيْهِ

سَنَابِلَ ضَوْءٍ...،

يُخَضِّبُ دَرْبَ الرِِّفَاقْ.


***  


يَتَكَسَّرُ مَوْجٌ عَلَى شَفَتَيَّ ؛

فَتُلْغَى الْمَسَافَاتُ بَيْنِي و بَيْنِي،

و تُلْغَى الْمَسَافَاتُ بَيْنَ النَّدَى والشَّذَا،

يَتَوَحَّدُ بِالرَّمْلِ فِــيَّ دَمِي،

تَتَوَحَّدُ بِالْمُعْجِزَاتِ الْجِيَادُ الْعِتَاقْ.


***  


يَتَكَسَّرُ مَوْجٌ عَلَى صَخْرَةٍ،

يَتَكَسَّرُ بَحْرٌ عَلَى سَاحِلٍ،

يَتَكَسَّرُ لَيْلٌ عَلَى نَجْمَةٍ...

ثُمَّ يَفْنَى الْجَمِيعُ...

ويَبْقَى الْعِرَاقْ .


___________________________________

* من مجموعتي الشعرية : ( أينعت في دمي وردة ) / الأمانة العامة للإتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب، بغداد .

___________________________________



لوحة نثرية موشحة بالإبداع ومنبجسة من خلف الشغاف..صيغت بمداد الروح للكاتبة المصرية السامقة (هويدة عبد العزيز) بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 لوحة نثرية موشحة بالإبداع ومنبجسة من خلف الشغاف..صيغت بمداد الروح للكاتبة المصرية السامقة (هويدة عبد العزيز)

-"في الكتابة،ثمة كاهنة تتوضأ بالمعنى،تواصل خشوعها بعيون النشوى شوقا أليك. "(هويده عبد العزيز)


-قد لا أرمي الورود جزافا إذا قلت أن هذه الخاطرة هي رحلة في عوالم الحب المقدس، حيث يتحول المحبوب إلى منقذ وجودي،وإلى مصدر للمعنى في عالم يتهدده القحط والغياب..( الكاتب)


استوقفتني لوحة ابداعية موشحة بالجمال،والبهاء الفني للكاتبة المصرية المبدعة هويده عبد العزيز موسومة ب ”أيها الهارب من صفحات التاريخ..إلى مجرى دمي*”


هذه الكاتبة/ الشاعرة الواعدة لها قدرة على إيصال رسالتها الفنية والإبداعية عبر أقصر زمن،ومن خلال تكثيف جمالي أنيق،ربما يعود هذا الإدهاش الفني إلى قدرتها على صياغة اللحظة الفنية والحياتية بمهارة حيث يتجلى البعد الفني والإبداعي بين ثنايا السطور.

قلت،هذه الكاتبة الطموحة،ومن خلال متابعتي لكتاباتها التي تطل علينا من نافذة الإبداع،أدركت أنها تمتلك سحرا خاصا بها سرديا،من شأنه تحريك نوازعنا الداخلية،بما تملكه من قدرة على دمجِ عددٍ من الفنون الإبداعية في متنها القصير،لتخلق لها كيانه الخاص،فتغوص عميقاً في الواقع،تلتقط منه ما هو عام ومشترك بين البشر وتنبش ما في النفس من خفايا وانكسارات،خاصة إذا كان الواقع مشتبكاً بين-استحقاقات الحياة،واكراهات الواقع..

إنّ قراءة متأنية لهذه اللوحة الإبداعية ( ” أيها الهارب من صفحات التاريخ إلى مجرى دمي.. ”)   المشحونة بالتكثيف والترميز،،ومن خلال تفكيك دلالاتها،تضعنا أمام التساؤل التالي: ما مدى قسوة الواقع الهاجع خلف الشغاف الذي ترصده؟

من هنا أيضاً تبدو أهميّة العنوان في إثارة الرغبة وفتح عتبة البحث والتنقيب عن جواب لهذا السؤال،الذي سيفتح الباب أمام أسئلة أخرى..تاركا للقارىء الكريم هامشا فسيحا من الوقت،للعثور على الجواب المناسب..

وإليكم هذه اللوحة الإبداعية حاثا إياكم على التفاعل معها فنيا،حين يختمر عشب الكلام..

"أيها الهارب من صفحات التاريخ إلى مجرى دمي، يا من نقش النورُ اسمَه ترتيلةً في لوح قلبي، كنبضةِ حياةٍ،كيف بلغتْ مقاماتِ الدهشة و سرَّ مَن آنس الفجر؟

يا مؤنسي في ظلمتي الأولى,ومفارقي في هجير الغياب،محبتي…يا رفادتي حين يعطب السرّ،وماءُ دمي حين يلهث الشوقُ في رئتيَّ،كيف تغدو الدوحة قيظًا إذا ابتعدت؟

وكيف يتيبس النبض في وادي صدري إن تأخر ظلك عن ماء قلبي؟

دعهم لاحتفالاتهم التي تبهت مع أوتار الغروب،

أمّا أنتَ فقيثارتي التي أشدّد أوتارها كي لا تصهر أوصالها الشمس ولا ينسج الليلُ حولها الصمت.

تعال إليّ..فطقسك لم يحن بعد،وموسمك يبدأ حين تتقدّس خطاك،على شفاه الحلم،وأحتفي بقدومك كما يحتفي الأسلاف،بفيض السرِّ إذا عطش القلب،وبطمي الروح إذا قحط المعنى،

وأحني كما تنحني عيونُ رع-1-لتُقبّل ضفاف الوجود،فإذا ابتسمت شبت نارُ الشوق في عروقي،وتوهّج اللوتسُ بين ضلوعي،تعال لأقطف لك خبزَ القلب من شجرةٍ غرسها آمون-2-في معبد الفؤاد،وأسكب لك فاكهةَ الشتاء عنبًا من خمرة الأسرار،فتشرب نبضي كما يشرب النيلُ سرّ المطر.عُــــــد من مخبأ الأسطورة إلى صفحات الخلود التي ما زالت تحفر اسمكَ،إلى ذاك الهيروغليف-3-الذي ضلَّ سطورَه على كتفي،إلى الصفحة التي لا تكتمل إلا حين يطل عليها وجهك،عُد كدمعةٍ ذرفتها إيزيس-4-

لكن احتفظ ببريقها ولو في تراتيل الموتى.

أقبل..فالليلُ يهيّئ لعودتك أوركسترا من شهيق النجوم،والقمر يتهيّأ لطقوس ولادتك من جديد،

والنجمة تخلع نقابها إذا مرّت بك.وإذا جئت…انجلى المعنى في مرايا الماء،ورفعتُ للكون راية قلبي،كي يعرف أن الحياة تبدأ بك ولا تنتهي إليك.

في الكتابة،ثمة كاهنة تتوضأ بالمعنى-5-،تواصل خشوعها بعيون النشوى شوقا أليك. 

(هويده عبد العزيز)


إنّ الخاطرة الشعرية توغل شفيف فى مسارات الذات الخبيئة،أو هي مونولوج رائق يماثل التتابع النغمي في درجاته الرهيفة،ومن هنا فإن للغة أهميتها القصوى في ملء كل هذه المسارات والدروب بألوان الانتباه الناعم الذي يحدثه الإبداع التأملي الجاد.

وعندما يكون موضوع الخاطرة،من الخطورة بحيث ترتجف النفس لمجرد قراءة عنوان النص ( "أيها الهارب من صفحات التاريخ..إلى مجرى دمي ”)، فلابد أن يساير المتن هذا الاهتزاز الوجداني ويعضده تأكيدًا ودعمًا لإحداث الأثر الكلي من جماليات الدهشة والتلقي الفائق.

تأملت هذه اللوحة كثيـرا،وفي كل مرة كانت تشدني اليها أكثر وتدفعني الحيرة للتأمل في مضمونها ومساحات الصمت والتجريد فيها.

ولكن..

قد تحمل اللوحة معان كثيرة،وكل واحد منا قد يرى شيئا مختلفا عن الآخر-هذا ما يعطي الفن سموا وقوة في الحضور-

وكما يقال في علم النفس،إن تأويلاتنا للمعاني هي مجرد انعكاس لافكارنا واسقاط لما يشغل بالنا على الاشياء من حولنا..

في هذا السياق،يبدو لي المشهد الإبداعي للكاتبة والشاعرة المصرية المتميزة هويده عبد العزيز حافلا بما هو مدهش وجميل،وهذه اللوحة الإبداعية التي رسمتها بمداد الروح،تلج القلب والوجدان-دون استئذان-من خلال إنسانية الموضوع،والتصاقه الحميم بما يمور في وجدانها من انفعالات ترجمتها في شكل لغة شفافة،لغة أقرب إلى الرسم،فكل لفظة في معمارها،لها مكانها الخاص ودورها الذي تؤديه وكأنها شخصيات مسرحية تحمل في طياتها الكثير من

الأحاسيس،وتسعى إلى مخاطبة قلب وعقل القارئ في قالب جمالي فريد،وعبر إدهاش جمالي متميز.

وقد لا أرمي الورود جزافا إذا قلت أن هذه الخاطرة هي رحلة في عوالم الحب المقدس، حيث يتحول المحبوب إلى منقذ وجودي،وإلى مصدر للمعنى في عالم يتهدده القحط والغياب. الشاعرة تستخدم ترسانة من الصور البلاغية المبتكرة والرموز العميقة (لا سيما المصرية منها) لتبني عالماً شعرياً متماسكاً،يقدم الحب ليس كعاطفة فقط،بل كطقس ديني،وعلاقة مصيرية بين كائن مشتاق وكينونة مقدسة هي وحدها القادرة على طرد ظلام العدم وإعلان بدء الحياة.

وإذن ؟

هي (الخاطرة) إذا،ليست مجرد كلمات عابرة،بل هي عالم شعري مكثف،يحفر في صخور الوجود والغياب،الحضور والافتقاد.إنها حوار درامي بين صوتين: صوت "الأنا" المتوجس الخائف المشتاق، وصوت "الأنت" الغائب الحاضر في آالذي يشكل المنقذ والخلاص من فوضى العالم وعدميتِه.

وتمنياتنا لها بالتوفيق والسداد بالقادم من أعمال.


محمد المحسن


هوامش :


*ملحوظة : ستنام هذه المبدعة السامقة في حضن السحاب..تغفو قليلا..ملتحفة بالغياب..يتراءى لها حبيبها  وبإلكاد يرى ( بضم الياء) لا سيما في الأيّام الشتائية الماطرة حين السحب تترجّل على الأرض ضبابا،كثيرا ما كانت تراه..

قد يكون الأمر مجرّد أوهام بائسة ورؤى منهكة يكتنزها اللاشعور لكنها تنفلت أحيانا من رقابته،كي تتحوّل إلى نداء خفوت يعزف لحنا جميلا للقادم في موكب الآتي الجليل..فننخرط جميعا في جوقة الرقص على إيقاع الكلمات..كلمات صاغتها المبدعة-هويده- بحبر الروح..ودم القصيدة..

1-رع: إله الشمس،وحين تحني الأنا عيونها كما تحني عيون رع،فهذا تعبير عن خشوع وإجلال لا حدود لهما.

2-آمون: إله الخفاء والهواء،الذي يغرس شجرة الخبز في معبد الفؤاد،رمز للعطاء الخفي والإلهي.

3-الهيروغليفية:هي نظام الكتابة الذي استخدمه قدماء المصريين.وهي كلمة مشتقة من اليونانية "هيروغليفيكا"التي تعني "النقش المقدس"،لأن الإغريق رأوها منقوشة على جدران المعابد والمقابر.

4-إيزيس: الإلهة الأم التي تذرف دمعة (وفق الأسطورة،حيث ولد نهر النيل من دموعها).تشبيه عودة "الأنت"بدمعة إيزيس التي تحتفظ ببريقها يعني أن هذا الغياب أو الألم يحمل في طياته بذرة الخلود والنماء.

5-كاهنة: "في الكتابة،ثمة كاهنة تتوضأ بالمعنى". هذا يخلق توازياً مع القداسة التي يمتلكها "الأنت". فالأنا هي الكاهنة التي ترعى المعبد (القلب) وتنتظر الإله (الأنت).



السبت، 8 نوفمبر 2025

سُوريا الـجَرِيحَة بقلم الــشـاعـرة// نــســريـن بـــدر مــصــر

 سُوريا الـجَرِيحَة  

ــــــــــــــــــــــــــ الكامل

سُـورْيـا الـجَـريحَةُ تَـعْـتَلي الأسْـوارا

والــخَـصْـمُ يَــهْــدِمُ أرْضَــهـا جَـــرَّارا


وحْـــشٌ يُــنـادِي بـالـتـوَغُّلِ مُـسْـرِعاً

يُــذكـي إذا امْــتـدَتْ يَـــداهُ شَـــرارا


يَــهْـوَى الــدَّمـارَ ويَـسْـتَـبِيحُ دِيــارَنـا

ويُــثِــيـرُ فِــــي أرْجــائِـنـا إِعْــصــارا


سُـورْيَّـتي قَــدْ أشْـعَـلُوا فِـيهـا الـرَّدَى

وطَــــنٌ أبَـــى أنْ يَــرْتَـضِـي غَـــدَّارا


جُـولانُ ضـاعَتْ فِـي دَياجِـيرِ الدُّجى

عُــدْوانُـهُـمْ طـــالَ الـجِـبـالَ حِـصـارا


نِـيـرانُـهُـمْ وصَـلَـتْ سُــوَيْـداءَ الــعُـلا

والحِقـدُ مَدَّ لأرْضِنا اسْ. تِ. عْ م. ارا


لــكِـنَّ شَـعْـبَـكِ لَـــنْ يَـلِـيـنَ لِـعـاصِفٍ

يَـــبْــدُو عَــنِــيـداً شــامِـخـاً جَــبَّــارا


يَـجْرِي الـنِّضالُ عَـلى جَبِينِكِ ساطِعاً

ويُــضِــيءُ لــيْـلُـكِ بــالـوَفـا إبْــكــارا


حــتَّـى تَــعُـودَ لــنَـا الـرُّبُـوعُ مُـجَـدَّداً

وتَـــظَــلَّ سُـــوريَــا عِـــــزَّةً ومَــنــارا


هَــــذي الــدِّيــارُ تَـفـاخَـرَتْ بِـمُـقـاتِـلٍ

وَسَـمَـتْ عَـلـى دَرْبِ الـصُّـمُـودِ قَـرارا


فِـــي كُــــلِّ وادٍ يـسْـتَـفِـيقُ رِجــالُـــهُ

فَـتَـصِـيـرُ فَـــوقَ رُؤسِــهِــمْ أخْــطـارا


لـتَـكُونَ سُـوريـا أرْضُـهـا زَهْــرَ الـنَّـدَى

صَـنَـعَـتْ مِــنَ الـجُرْحِ الـقَدِيمِ شِـعارا


فـمَـتى يَـعُودُ الـحَقُّ فِـي أرْضِ الهُدَى

لــنُــزيـلَ عَــــنْ أنْـسـامِـهـا الــفُــجَّـارا


ونُــعِــيـدَ لِــلآفـاقِ صَـــوْتَ مُــحـارِبٍ

يــزْهُــو كَــمـا يَــزْهُـو الـصَّـباحُ نَـهـارا


سـتَـظَلُّ فِــي عَـيْـنَـيْكِ أغْـنِيَةُ الـمُـنَى

تَـنْـسابُ فِــي نـبــضِ الـقُـلُوبِ فَـخارا


ويُـضِـيءُ فَـجْـرُ الـنَّـصْرِ يَـمْـلأُ أَرْضَـنـا

لــتُـنِــيــرَ فِـــــي أفْــراحِــنـا أقْـــمــارا


الــشـاعـرة// نــســريـن بـــدر مــصــر



‏أجعلني مبتدأك بقلم الشاعرة مارينا أراكيليان أرابيان

 ‏أجعلني مبتدأك 


لا أكسر أبدا،

‏يا خبري مضمومٌ بك،

‏وحالي المنصوب بسندك،

‏وضميري المستتر، 

تقدير أنت 

فأنا علم ممنوع صرفه

 في جملتك،

أسمي موصولٌ بأسمك

وتنتهي بعدنا العبارة.


بقلمي 

مارينا أراكيليان أرابيان

Marina Arakelian Arabian



حين يميل النّهار بقلم الكاتب رشدي الخميري/ جندوبة/ تونس

 حين يميل النّهار

حين يتهاوى النّهار إلى نهايته،

يتوارى الضّوء رويدا،

كأنّه شابّ يسافر بعيدا،

يتحاشى دموع أمّه.

تتمطّط النّوافذ،

ويستحيل الهواء حنانا،

كأنّ هتافا من زمن جميل

صدح فجأة.

أشخص أمام الغروب،

لا هدف لي

سوى أن أُرضي رغبة تسكنني.

كم يشبه الغروب أيّاما مضت من عمرنا،

تسلّلت،

لكنّها حملت بين أجنحتها

حكايات أحببناها

ولم ترو بعد.

يا لثقل المساء حين يجيء،

ويخيّم الصّمت الطّويل

في دهاليز الصّدور،

يجترّ الزلّات وهزّات القلوب،

ثمّ كأنّه طفل تعب من اللّعب،

سافر بين يدي المجهول.

رشدي الخميري/ جندوبة/ تونس


رثاء الأحبة بقلم الكاتبة سلوى بن حدو /الرباط

 رثاء الأحبة


ويح قلمي إن لم يكتب إسمك بماء الذهب

ليفخر به بين الغصن والقضب

ويغمد روحك برحمة الحب 

الذي ما كان  عن زيف أو كذب


فدعيني خالتي على قبرك أنتحب

لقد تبعثرت القوافي... 

و تاهت.....

فتتلاشى السطور و تكتئب....

كفيض دم انسكب من المقل

يرثي فراج العرق والأصل

كحبات عنب تناثرت من العناقيد...

سأرمم  الشضايا من التناهيد..

وألملم حرقتي لأدعو لك من جديد....


بقلمي سلوى بن حدو    /الرباط



أما أنا بقلم الكاتبة جُمعية غابري

 وعلى نفس حرف محمود درويش حين قال 

أما أنا 

وقد إمتلأت بكلّ أسباب الغياب 

لست لي 

 😊 وأنا أقول ☺️

🌸أمّا أنا 🌸


أما أنا 

وقد إمتلأت بالغياب 

إشتقتُ لي 

وحين صمتٍ من عذاب 

أغلقتُ باب ضجيجهم 

وعدتُ لي 

أما أنا 

أفرغتُ نفسي 

 رمّمت قلبي والخراب 

وأحببتُني 

 ٍوحين صدق 

وجدت حبهم من سراب 

فسكبتهم إلى النسيان 

وسكَنتُني

🌹بقلمي والخيبة🌹 جُمعية غابري



قداسة الحرف وميثاق النور بقلم عائشة_ساكري من_تونس

 قداسة الحرف وميثاق النور

بقلمي عائشة_ساكري من_تونس 


أكتبُ لأنّ الحرفَ في دمي،

ولأنّ صمتي لا يعرفُ السكون،

فكلّ نبضٍ فيَّ يولدُ كلمةً تبحثُ عن مرفأها في النور.


حرفي ليسَ تهمةً،

بل كنزٌ قدسيٌّ متفرّدٌ في الفضاء،

هو رحيقٌ كالندى يتقطّرُ،

قِبلةُ حِسٍّ ولغةُ فجرٍ قادم.


هناك من يُحوّلونَ الحرفَ إلى جريمةٍ

لأنَّ عيونَهم خائفةٌ من النّور والضوضاء.


فلا تَسألوني عن إباحةِ الكلمة،

بل اسألوني عن ثمرةِ الاجتهاد

التي تُبصرُ في كلِّ ركنٍ من حياتي.


وقصيدةٌ لا تعرف الغُمد،

تنامُ متعبةً على صدرِ الورق.


أنا أكتبُ الشعرَ كما يُغنّي الليلُ القمرَ،

وبكلِّ قداسةٍ أذوبُ في بحوره.


فالفتنةُ ليست في الشّعر،

بل في عيونِ من يرفضونَ

أن يُتقنوا الرّؤية!


فلا جدالَ مع من يغوصون

بكلِّ فضولٍ في أغوارِ التفاصيل.


وخاتمتي أنّ الحرفَ ليس مجرّد بوح،

بل هو ميثاقُ روحٍ مع الضوء،

وأنّ الكلمةَ التي تولدُ من الصدق،

تبقى خالدةً ولو خذلها العالم.

8 نوفمبر  2025



‏أتمدّد في أحلامي بقلم الكاتبة سلوى بسيمة (عشتار المثلثة)

 ‏أتمدّد في أحلامي

كل ليلة 

‏أحلم بتلك الأرض

‏حيث ولدت

‏أطوي الشاطئ الطويل

‏جيئةً وذهاباً

‏وحين تلمسني أجنحة  النوارس

‏لا أجد إلّا البكاء جواب.


سلوى بسيمة 

(عشتار المثلثة)

لَائِذٌ بِجَاهِ الرَّحْمَنْ بقلم أ د الشاعر والناقد والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه

 لَائِذٌ بِجَاهِ الرَّحْمَنْ 


بقلمي  أ د الشاعر والناقد والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة


رَبِّ ارْحَمْنِي وَتَوَلَّانِي=مَنْ غَيْرُ وَلِيِّي يَرْعَانِي؟!!!


وَاجْعَلْ لِي الدُّنْيَا قَنْطَرَةً=لِلْفَرْدَوْسِ..عَلِيَّ الشَّانِ{1}


اِجْعَلْ لِي الدُّنْيَا مَزْرَعَةً=لِلْخَيْرِ..يُزَكِّي وِجْدَانِي


مَنْ يَحْرُسُنِي؟!!!مَنْ يَنْصُرُنِي؟!!!=أَنَا لُذْتُ بِجَاهِ الرَّحْمَنِ


                                                    ***


أَسْأَلُكَ رِضَاكَ وَمَغْفِرَةً=فِي الدَّارَيْنِ وَشَهْدَ جِنَانِ


أَرْجُوكَ احْفَظْنِي بِسِيَاجٍ=مِنْ عَفْوِكَ أَظْفَرْ بِأَمَانِ


قَدْ شِئْتَ التَّخْفِيفَ{2}فَحَمْداً=لَكَ ..رَبِّي فِي كُلِّ أَوَانِ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


{1}عَلِيَّ الشَّانْ: اَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَهِي مُنَادَى لِحَرْفِ نِدَاءٍ مَحْذُوفْ وَالتَّقْدِيرْ: يَا عَلِيَّ الشَّانْ .


{2} قَدْ شِئْتَ التَّخْفِيفْ: إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ النِّسَاءْ{ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26) وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28)}


بقلمي  أ د الشاعر والناقد والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة



**((سَكَاكِينُ الجَفَاءِ)).. أحاسيس: مصطفى الحاج حسين.

 **((سَكَاكِينُ الجَفَاءِ))..

أحاسيس: مصطفى الحاج حسين. 


جَعَلْتُ مِن رُوحِي قارِبًا

يَحْمِلُ يَنَابِيعَ غِيابِكَ

وَيَشُقُّ لَهْفَتِي 

وَيَمْخُرُ عَبَابَ القَهْرِ 

لِيَرْسُوَ فِي بَاطِنِ  

المِلْحِ المُقَطَّرِ بِالجَحِيمِ.


يَأْكُلُنِي بَحْثِي عَنْكَ

يُمَزِّقُنِي الانْتِظَارُ 

الخَيْبَةُ نَصَبَتْ خَيْمَتَهَا  

فِي لَهْفَتِي.


تَطَاوَلَتْ أَشْرِعَةُ سُقُوطِي 

وَدَمْعَتِي تَعْتَلِي جَهنّم 

دَرْبِكَ التَّائِه 

فِي صَحْرَاءِ الصَّدَى.


وَتَدُقُّ أَبْوَابَ التَكَلُّسِ

لِتَحْفِرَ بَحْرًا مِنَ الهَجْرَانِ.


أَمُدُّ يَدِي إِلَى مَوْتِي

أَنْزِعُ عَنْ غُصَّتِي  

سَكَاكِينَ الجَفَاءِ.*


  مصطفى الحاج حسين.

          إسطنبول



رسائل الحب بقلم، الشاعر والفنان سامي الساحلي. تونس.

 رسائل الحب.1💓Love Letters.1 

Lettres d'amour.1

حَضنتُكِ ذاتَ ربيعٍ وأوشِكُ أن أبكي،

آاااه منكِ.. آاااه منكِ

ذُبت في البِعادِ،

أسترخي مع الضوءِ الخافتِ 

وأصواتُ النوارِسِ من بحرِ الهوى، والليلُ زاحفٌ يسألُ،

أينَ عُشاقُ القصائدِ والوِصالِ..؟ 

يا نورَ اللهِ المقدسِ في العُلى، أرى ذاكَ المنحدرَ  بأصفرٍ أُقحوانيٍّ ذهبيِّ الزهرِ،

وأخضرٍ  برتقاليٍّ، 

ومُنعطفٍ بشجرِ  زيتونٍ أزرقَ فيروزيٍّ، 

ظِلُّها أجسادُ عصافيرِ الجنةِ تشدو وتلعبُ وترقصُ...  

وغيمةٌ حُبلى بألوانٍ بنفسجيةٍ مشرقةٍ 

من إطارِ نافذةِ الأحلامِ حَطَّتْ عليهِ الحمائمُ،

واسمُكِ رسمةٌ بديعةٌ على كلِّ الحيطانِ،

جَسَدُكِ شكلَ زهرةِ الأُقحُوانِ 

ونورٌ يحُطُّ في اللاشيءِ يرسمُ المِدادَ، يخطو، يرفرفُ يعانقُ ظِلي وظِلَّكِ،

الموسيقى من الركنِ  تزحفُ، 

شهقةٌ..  وشهاقاااتٌ... 

وأنفاسُكِ نغمٌ... 

رنَّةُ خلخالِ أقدامِكِ إيقاعُ المطرِ بالوجدانِ مسكنُهُ،

وصوتٌ شجيٌّ ناعمٌ من شفاهٍ لازُورْدِيَّةٍ يدعو ويبتهلُ: " يا سميعَ الداعي بلا كلمٍ 

يا ذا العرشِ سُبحانَكَ...

يا ذا العرشِ سُبحاااانَكَ..."

ويُناديني

بوجهٍ مُنيرٍ  يُشبهُني، يبتسمُ... 

ومن كثرةِ ما نظرتُ للطبيعةِ والسماءِ، رأيتُ  قلبي رفَّ في عيونِكِ جثا للهِ إيمانًا.

عناقُكِ روحي نسيمٌ..  عناقُكِ يُنقِذُ عُزلتي العطشى، يؤثثُ  لخيالي الرغائبَ والنِّعَمَ.. يبعَثُ الدفءَ ورسائلَ الحُبِّ، 

وأحسستُ أن بكتابِ القلبِ غابةٌ وارفةٌ،

لذيذُ المنجا وكرومٌ، تمرٌ  ورمانٌ... 

وأضلُعي تدعو ربي بالرجا،

بإسم الله.. حديقةُ حبقٍ

وردا أينعَتْ... 


☆ الإلقاء والتأليف والاخراج الأديب، الشاعر والفنان سامي الساحلي. تونس. 18 فيفري 2023. 


Narration, composition, and direction by the writer, poet, and artist Sami Sahli. Tunisia. February 18, 2023.




الكاتبة والناقدة نافلة مرزوق العامرStella Ra Nch)) قراءة لمنهجها النقدي وتوظيفها للأدب المقارن بقلم الأديب طه دخل الله عبد الرحمن

 الكاتبة والناقدة نافلة مرزوق العامرStella Ra Nch)) قراءة لمنهجها النقدي وتوظيفها للأدب المقارن:

تقديم: الناقدة متعددة الأوجه

تبدو نافلة مرزوق العامر Stella Ra Nch)  (في مشروعها النقدي على فيسبوك شخصية ثقافية مركبة فهي الناقدة، والقارئة النهمة، والمبدعة التي لا تفصل بين الشعر والنقد. لا يقتصر حضورها على نشر آراء انطباعية، بل يتعداه إلى بناء خطاب نقدي له أصوله الفكرية ومنهجه الواضح، وإن كان يُقدم في قوالب قد تبدو مختصرة أحيانًا بسبب طبيعة المنصة.

التحليل التفصيلي للمنهج النقدي

1. الأدب المقارن: حجر الزاوية في منهجها

هذه السمة هي الأبرز في كتاباتها، حيث لا يقتصر توظيفها للمقارنة على الاستشهاد العابر، بل يصل إلى مستوى التماس العضوي بين النص العربي والنص الغربي.

· التوظيف السياقي والموضوي: لا تذكر العامر اسم شاعر أو كاتب غربي لمجرد الزينة الثقافية، بل تبحث عن نقطة اتصال جوهرية. على سبيل المثال، عند تحليلها لقصيدة عبد الناصر عليوي "معشوقتي العربية"، تستحضر مقولة أنجيلا كارتر عن اللغة كقوة وأداة هيمنة وتحرر. هذا الاستدعاء يخدم التحليل مباشرة، حيث تظهر كيف أن الصراع مع اللغة الذي يتحدث عنه الشاعر العربي هو امتداد لوعي غربي بإشكالية اللغة ذاتها.

التوظيف العميق للأدب المقارن: تُظهر الناقدة اطلاعًا على الأدب العالمي وتوظفه بشكل عضوي في تحليلها. ففي قراءتها للقصيدة نفسها، استشهدت بمقولة للكاتبة الإنجليزية أنجيلا كارتر: "اللغة قوة، حياة ووسيلة ثقافية، وأداة هيمنة وتحرير".

بناء حوار ثقافي: تحول الناقدة القراءة إلى حوار بين ثقافتين. قد تستدعي ريمون كينو في حديثها عن لعبة اللغة والإبداع الشكلي، أو إزرا باوند في تأكيده على "جعلها جديدة" (Make it New) عند قراءتها لنص شعري حديث يحاول تجديد شكله ومضمونه. هذا لا يظهر فقط اطلاعها، بل رغبتها في وضع الأدب العربي في سياقه الإنساني الأوسع.

التعامل مع التراث ككيان حي: تتعامل مع النصوص الغربية (قديمها وحديثها) ليس كنماذج يجب تقليدها، بل كشواهد على تجارب إنسانية مماثلة. هذا يخلق وعيًا نقديًا بأن الإبداع هو محاولة مستمرة لاقتراح إجابات على الأسئلة الوجودية والجمالية نفسها، وإن اختلفت الألسنة والثقافات.

الاهتمام بالبعد الروحي والصوتي: تولي العامر اهتمامًا خاصًا للأبعاد غير المباشرة للنص. فقد ركّزت على "الروحانية" التي تضفيها اللغة على المتلقي، وخصصت مساحة لتحليل الجانب الصوتي والإيقاعي، مُعتبرة أن القافية "السينيّة" في القصيدة مختارة بعناية لما لها من "وقع محبب على الحس" وقدرة على "التنفيس".

2. التحليل البنيوي والتقني: تشريح النص

تمتلك العامر عينًا تحليلية حادة قادرة على تفكيك النص إلى مكوناته الأساسية لفهم آليته الداخلية.

· تحليل الهيكل: في قراءاتها للقصائد الطويلة أو المجموعات الشعرية، لا تتردد في تقسيم النص إلى أجزاء أو مراحل. كما في مثال قصيدة "معشوقتي العربية" التي قسمتها إلى أربعة أجزاء: (اللغة حياة، اللغة هيمنة، اللغة والدين، الدعوة لاحتضان اللغة). هذا يكشف عن نظرتها للنص كبناء فني متماسك له بداية ووسط ونهاية.

· الاهتمام بالعناصر الصوتية والدلالية: تولي اهتمامًا خاصًا للموسيقى الداخلية، كتكرار حرف معين (مثل القافية السينية)، وتربط ذلك بدلالته النفسية والعاطفية، معتبرة أن هذا الاختيار ليس عبثيًا بل يساهم في "التنفيس" وخلق "وقع محبب على الحس". كما تحلل الانزياحات اللغوية والاستعارات المحورية التي تشكل عالم النص.

3. اللغة النقدية: بين التحليل والتأويل

تمتلك العامر أسلوبًا نقديًا مميزًا يجمع بين:

اللغة الاستعارية والإيحائية: تستخدم الناقدة لغة شعرية غنية في نقودها ذات طابع استعاري، فهي تصف القصيدة بأنها "قلادة شعرية متلألئة" واللغة بأنها "كائن حي يتنفسه في حرفه". هذا يخلق نصًا نقديًا موازيًا للنص الأصلي، مليئًا بالصور البلاغية التي تثمل القراءة ولكنها قد تطغى أحيانًا على الوضوح التحليلي.

المنهجية: في بناء الحجج وترتيب الأفكار وتسلسلها المنطقي.

الشعرية: في لغتها الاستعارية والإيحائية. فهي لا تكتفي بالقول إن النص جميل، بل تصفه بأنه "قلادة شعرية متلألئة"، أو تتحدث عن اللغة ككائن حي. هذا يخلق نصًا نقديًا موازيًا هو الآخر مبدع، لكنه قد يغرق أحيانًا في التأويل الذي يتطلب من القارئ جهدًا لفك شفراته.

نقاط القوة في مشروعها النقدي

1. الرؤية الشمولية: لا تنفصل قراءتها للنص عن سياقه الثقافي والإنساني الأوسع، مما يمنح تحليلها عمقًا وفلسفية.

2. الجَسارة النقدية: لا تقدم قراءات مجاملة، بل تحاول أن تصل إلى الجوهر النصي، مُظهِرةً قوته ونقاط ضعفه بحيادية الأكاديمي وشفافية المبدع.

3. التواصل الفعال: باستخدامها منصة فيسبوك، تنجح في تقديم خطاب نقدي متقدم بطريقة مفهومة نسبيًا لجمهور غير متخصص، مما يسهم في رفع الذوق النقدي العام.

4. التماهي مع النص: كونها كاتبة وقاصة، فإنها تقرأ النص من داخله، مما يمكنها من التقاط الظلال والدلالات التي قد تخفى على قارئ آخر.

نقاط للتفكير والتطوير (نقد ذاتي مقترح)

1. إشكالية التوثيق: بسبب طبيعة المنصة (فيسبوك)، غالبًا ما تذكر الاستشهادات الغربية بدون تفاصيل كاملة (اسم العمل، المترجم، دار النشر، رقم الصفحة). تفصيل هذه المصادر سيعزز من مصداقيتها الأكاديمية ويُثري الحوار.

2. الانزياح بين التحليل والتأويل: في بعض الأحيان، قد تذهب تأويلاتها الشعرية بعيدًا، مما قد يخرج النص عن مراده الأصلي أو يفتحه على احتمالات لا يحتملها. الموازنة بين حرية التأويل وحدود النص تبقى مسألة دقيقة.

3. حضور الذات الناقدة: أحيانًا تكون لغة الناقدة الاستعارية قوية لدرجة أنها تطغى على صوت النص الأصلي، فيصبح التركيز على "كيفية قراءتها هي" بدلاً من "النص نفسه".

4. تنويع الأمثلة: يلاحظ تركيزها على نمط معين من الشعر (الشعر التفعيلي ذو البعد الفلسفي والوجودي). توسيع نطاق تحليلها ليشمل أنماطًا شعرية أخرى (كالكلاسيكي، أو شعر التفعيلة البسيط، أو حتى النصوص السردية القصيرة) قد يثري تنوع مشروعها النقدي.

الخاتمة: صوت نقدي متميز

تمثل نافلة مرزوق العامر  (Stella Ra Nch) نموذجًا للناقدة المعاصرة التي تستفيد من فضاء التواصل الاجتماعي لنشر وعي نقدي جاد. هي ليست "معلقة" أدبية فحسب، بل بانية خطاب نقدي يقوم على ركيزتين أساسيتين: المنهجية العلمية في التحليل والتفكيك، والرؤية الإنسانية التي تتجلى في استخدامها الثري للأدب المقارن. مشروعها هو محاولة ناجحة لسد الفجوة بين النخبوية الأكاديمية والقراءة الانطباعية العامة، مما يجعلها صوتًا نقديًا يستحق المتابعة والدراسة.

ملاحظة: هذا النقد مبني على نماذج من كتاباتها المتاحة.

طه دخل الله عبد الرحمن

البعنه == الجليل

7/11/2025  



قيثارة حنيني عازفة بقلم المفكر العربي عيسى نجيب حداد

 قيثارة حنيني عازفة


هناك دونتها 

بحروف ذهبية

تشع كنجوم بليل بهي

على سطور واسعة بحسنها

حسبناها قلائد تتلألأ بزهوة مفرداتها

تذوب كشمع بقوالب لكل ديوان عامر بجماله

هي عرانيس زهر فتحت في بساتين عمري بهجة

زفت لفرح عناوين بضحكات تتراقص نبض عشق

اينعت بها قلوب صبية بمواطن رحبة تعزف حنين

يا كاتب نقشها جمل طفولتها لشبابها لشيخوختها

زين مقامها بمحفل ميلادها على ساحات تتويجها

عروبية هويتها تزدان بعراقتها سمراء كحلتها تلمع

بنور لحسناوات بقرانا وبوادينا وساحات عواصمنا 

دعها تلهج بانغام طرب تذوب بها كل روح  بمسرة

دعها حلوة كشهد ربيع كلما تذوقناها نطلب زيادة

هذا حفل ميلاد عرفها باوسمتها بهي عنوانها هنا

مباركة كلماتها بين شعوب وشعوب معطرة طيب

تفوح نسائمها مع كل فجر هامس يمر بدهر ذهبي

كقرون سابقة عبرت بتتويجها لوصفها جيل زاهر

حملها تراث سيرتها عبقة ترنموها طروبة بفخرها

رسائلها معنونة للبقاء كعلم يرفرف بعلية لتاريخ

يشهد لزمان قولنا بصدقه ما يشوبها اية تغيرات

لتوصف بميزان توبة ستقلبها حجج حساد بتملق

ستبقى دفاتر حساباتنا صافية يوصوفها بتنمرها

ختم وطابع يوثقان ذاكرة سردنا بمضمون لنقش

غريب هز جذع نخلتي فتساقطت صحة كلامي

كثمار غير محجرة روحها لذيذة شهية بمذاقاتها

دعوها ترسم على برديات عساها تودع بصناديق

فتكون ذكرى هامسة بملامح لقلاع لن يهدمونها

تشرق بنورها على بريتي فتعمر مكتبات صفاتنا

زرع فكر بقصر شامخ جعلنا نجني ثقافة معرفة 


                            المفكر العربي

                        عيسى نجيب حداد

                     موسوعة اوراق الصمت



لا تبحث عن الدر المنثور خلف خطى بقلم الشاعرة الفنانة ليلى_السليطي

 لا تبحث عن الدر المنثور خلف خطى 

.. أقدام حافية 

لا تبحث عن التمر  و الثمر

من صلب أشجار الخريف المتهاوية 

لا تقل بلى سوف تزهر 

و لا تقل  أجل سوف أكبر 

وسأطمس وجع الايام الخالية ...

نعم هي الايام تحكم قبضتها 

و عقارب الساعة تخفي أنين الثواني العاديه

لا تقدم لكل من حولك طبقا من الحلوى

وانت  تبلع  مرارة الجوع 

وترتدي من أجلهم اثوابك الزاهية ..

لا أحد يستحق أن تدنيه أكثر من كفين

 ولا تفكر دائما   كيف تعطيه

و لم تعطيه

من وقتك أكثر من ثانيه

لا أحد  ترى في عينيه ما يرضيك

وإن  قطفت له النجيمات الساريه

لا تقنع ضباب النوافذ الموصدة 

أن الشمس ستأتي للبيت غدا 

وأنت نائم على حجر كهف المدينة الحالمة

لأن الظلام يسكن احشاءك 

و يلبسك أطواق النجاة الباليه

و لسوف أكون هناك بعيدا

 لا ريح ستزعج المطر 

ساعة  مخاض الغيمات 

سأكون هناك بعيدا عن الأنواء.

 و الخوف و الامواج العاتية 

و لسوف أمسك بخيوط الشمس

 واعرج  بها

عن كل ما يعلق بالأمس

من كدر الذكريات و مواسم الخيبات 

و فصول دونها التاريخ

عن بطولات  أصحاب البطون الخاويه...

ليلى_السليطي



فات الميعاد بقلم الكاتبة رمزية مياس،كركوك، العراق

 فات الميعاد

ذات مساء عليل الانسام

ساقتني قدماي دون ارادتي

الى مملكة الاحلام

هناك مازالت الرياض

مفروشة بالسندس والاستبرق

الاطيارتطعم فراخهاالصغيرة بحنان

الاشجار تتراقص منها الاغصان

الزهور تبتهج في عيون الربيع الفتان

النجوم تمرح في الليال الملاح

الحصان الابيض مازال متوجا

باكاليل الزهور الندية

مازال على اهبة الاستعداد

طال الانتظارالمرير

ولكن الفارس لم يحضر

ولن يحضر

فقد فات الميعاد

مع تحيات واحترام 

رمزية مياس،كركوك، العراق


الحُبّ... إنسانيّة لا تشيخ بقلم الكاتبة هالة بن عامر – تونس

 الحُبّ... إنسانيّة لا تشيخ

حين يتحدث الحُبّ من عمق الإنسان، يتحوّل من شعورٍ عابر إلى طاقةٍ تُعيد ترتيب العالم فينا.

ليس الحُبّ عاطفةً فحسب، بل فلسفةُ عيشٍ تُطهّر القلب من الكراهية، وتغسل الروح بنور التعايش،

فيغدو الإنسان أجمل، وأهدأ، وأكثر حياةً مهما مرّت به السنون.

ثمة ضوءٌ خافت يطلّ من أعماق النفس كلّما لامسها الحُبّ الصادق.

ذلك الضوء لا يُرى بالعين، لكنه يُحسّ كنبضة حياةٍ في كلّ ما حولنا؛

في نبرة صوتٍ هادئة، في نظرةِ عفوٍ صافية، في ابتسامةٍ تُرمّم ما كسَرته الأيام.

الحُبّ بهذا المعنى ليس عاطفةً عابرة، بل حالةُ سموٍّ تُعيد ترتيب الفوضى داخل الإنسان،

وتجعله أكثر قدرة على رؤية الجمال في كلّ شيء.


فالحُبّ ليس مجرّد نبضٍ بين قلبين، بل هو نَفَسُ الوجود حين تتطهّر به الأرواح.

هو الهبة الإلهيّة التي تُنقّي الداخل من شوائب الكراهية، وتغسل القلب من أدران الغِلّ والبغضاء.

فيه تُولد النفس من جديد، وتستعيد اتزانها وسط فوضى العالم، كغصنٍ أخضر نجا من عاصفة.


الحُبّ طاقةُ حياةٍ تُعيد للنور هيبته في أعماقنا، وتُرمّم ملامحنا المتعبة بلمسةٍ من السكينة.

من أحبّ بصدقٍ، أطال الله في عمره، لأنّ المحبة تُنعش الخلايا وتُنير الملامح وتُبقي الوجه نديًّا مهما تعاقبت السنين.

أما الكراهية، فهي سُمٌّ بطيء يشيخ به القلب قبل الجسد، وتُرى آثارها على الملامح قبل أن تُسجّلها الأيام.


انظر إلى الوجوه التي تُصافح العالم بابتسامةٍ رغم ما ذاقت من خذلان،

تلك وجوهٌ اغتسلت بالحبّ، فصار النور يسكنها كصلاةٍ دائمة.

الحُبّ لا يُنقص صاحبه، بل يرفعه؛ لا يضعفه، بل يمنحه عظمةً خفيّة تنبع من صفاء النيّة ونقاء الروح.


لنُحبّ إذن، لأنّ الحبّ فعلُ سموٍّ لا ضعف، وعبادةٌ لا رياء فيها.

لنُحبّ، لأنّ من ذاق طعم الحب  في جوهره لن يعرف للحقد سبيلاً.

ولنُدرك أن التعايش لا يُبنى بالقوانين وحدها، بل بعاطفةٍ صادقةٍ تُعيد للإنسان إنسانيته.


فكلّما أحببت أكثر... صِرتَ أنقى، أهدأ، وأصغر عمرًا في عين الزمن.

إنّ الحُبّ، في جوهره، ليس رفاهًا شعوريًا... بل فِعلُ نجاةٍ، وميثاقُ حياةٍ يُبقي القلب حيًّا مهما أثقله الألم.


ويبقى الحُبّ، ما بقي الإنسان... نَبضًا يجدد الحياة فينا،

ويمنحنا شبابًا لا يُقاس بالسنين، بل بنقاء القلب.


🇹🇳 بقلم: هالة بن عامر – تونس



أُمَّـاهُ بقلم الأديب حمدان حمّودة الوصيّف... (تونس)

 أُمَّـاهُ... (من وحي ضرورة مرافقة الأمّهات لبَنَاتِهنّ المراهقات)

أُمَّـاهُ، قُــولِــي، أَخْــبِـرِي ، بِاللّهِ

هَـلْ مِنْ دَوَاعِـي الحُبِّ مَـا أَلْقَـاهُ

مَا أَنْ رَأَيْـتُـهُ صُـدْفَةً حَتَّى هَوَتْ

أَسْبَـابُ قَـلْـبِي، اُصْـدُقِـي، أُمَّـاهُ

لَـمْ أَدْرِ مَـا بِي، غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَعُدْ

مُـرْتَـاحَـةً، وَالـعَـيْـنُ لَا تَـنْــسَـاهُ

كَـلِمَـاتُهُ، مِنْ دَاخِلِي، أَهْـفُـو لَـهَا

وَخَـيَــالُــهُ فِــي الــعَـالَــمِــيـنَ أَرَاهُ.

فِي عَيْـنِهِ، كَـمْ قَـدْ قَـرَأْتُ قَـصِـيدَةً

عَـصْـمَاءَ، ذُبْـتُ بِـسِـحْـرِهَا، وَيْـلَاهُ

هَـلْ مَا قَـرَأْتُ بِـهَا هُيَامٌ؟ أَمْ تُرَى

سَـبَـبُ اضْـطِـرَابِي كُـلُّ مَا ألْـقَــاهُ.


عِنْـدَ اللِّـقَاءِ، إِذَا لَمسْتُ يَـدَيْهِ تَسْـ

ـرِي رِعْشَةٌ فِي الـجِسْـمِ مِنْ يُـمْـنَـاهُ

مَـا لِي إذَا وَدَّعْـتُـهُ أَشْـكُـو الـجَـوَى؟

مَــا لِـي إذَا لَاقَــيْـــتُـــهُ أَنْـــسَــاهُ؟

مَـا لِـي إذَا حَـدَّثْــتُـهُ لَا أَشْتَــكِـي

مَــا أَشْـتَـكِـيـهِ ولَا أُحِـسُّ سِـوَاهُ؟


أُمَّاهُ، قَلْبِي، فِي اللِّقَاءِ، يَطِيرُ بِي

فِـي عَـالَــمٍ رَحْــبٍ، فَــلَا أَلْـقَــــاهُ

والعَيْنُ تَمْسَـحُ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ مُحَـيَّا

... هُ وتَـحْــفَـــظُ كُــلَّ تَــسْـعَـــاهُ

والعَقْلُ يَمْـهُو، لَا يُفَكِّـرُ لَحْظـَةً

فَـتَـوَقُّفُ التَّـفْـكِيـرِ، مَا مَعْنَــــاهُ؟

حمدان حمّودة الوصيّف... (تونس) 

"خواطر" ديوان الجدّ والهزل.



رسالة إلى شاعرة بقلم الكاتب محمود البقلوطي تونس .

 رسالة إلى شاعرة

حين تكون الأبجدية تترنح على ظهر السطور تتراقص الحروف بين كفيك تغرد الطيور وتهطل السمأء شذى العطورفاي كلمات تدونها اقلامك وبأي الفصول تنبض ومضاتك الشعرية بين جحافل الحروف ربيع مزهر بورد الإبداع وسواقي تسيل من ماء حبرك تداعب جداول الكلمات العاشقة يتساقط الوجد على ارصفة السطور ويتراقص الهمس بين كفيك ينهل من حروفك وومضلتك المتعددة صبوة الذهول كم تمنيت أن اخطف من قصائدك ومن ومضاتك الشعرية نفسا من عطر الزهور

محمود البقلوطي تونس .



__تــونـس أيــا خـضـراء… بقلم الأديبة فائزه بنمسعود

 __تــونـس أيــا خـضـراء…__


دقت الساعة

ترادفت عقاربها

انطلق صداح أغنية

وارتفعت الزغاريد

في الشارع الخلفي 

لشارعي…

ابن  الجيران يشهر زفافه…

وفي الشارع الخلف الخلفي

انطلق ترتيل آيات  بينات من القرآن الكريم ،وارتفع التكبير والنحيب 

جار جيرانا  الذي   من أعلى  منصبه اختلس المال العام وسافر يؤدي مناسك الحج انتقل إلى الرفيق الأعلى في البقاع المقدّسة،هنيئا له لن يُحاسب،ولن يقف موقف الجناة يوم القيامة…

في الشارع الذي أمام شارعي

نحيب  صبية  يصلني متقطعا يعلو وينخفض وصراخ ولغط ،ابن الجيران المنحرف يضرب أخته

السبب   رفضها دفع فاتورة ما يستهلك  من سموم…

هي  ليس لها مورد رزق ، هي لا  تعمل ،هي  تحمل شهادة عليا

وهذه الشهادة هي السبب الوحيد في عطالتها لأن سياسة نظام  الانتداب في الوظيفة العمومية له حساسية مفرطة

لـحاملي الشهائد العليا…

أمّها  تستنجد بجارة خريجة سجون

لتوقف مهزلة الاعتداء 

فكان التعامل على أساس

العنف بالعنف والأعنف أبقى… وحملت الريح النحيب وجفّفـتْ أشعة الشمس دموع القهر…

في الشارع الموازي  للشارع الذي أمامي ،الرجل الطيب الذي يغضّ النظر علنا ،ويتحرّش بنساء الأحياء البعيدة  سرّا،قبض عليه يروّج مادة مخدرة أمام مدارس الأحياء الراقية، تجارة مربحة نقلته من دليل للمهرّبين إلى  مواطن صالح من أعيان شوارعنا…

قيل وشت به زوجته انتقاما …

الزوجة كشفت علاقته بامرأة من العيار الثقيل…

في الحديقة  المتاخمة لشارعي والشارع الخلفي والشارع الخلف الخلفي

حديقة بور يقال عنها منطقة خضراء

والخضرة   منها براء …

انتصب بائع (الملاوي)وأمام(نصبته)خلق كثير يشترون  ويزدردون، ويلقون بالمناديل الورقية في أحواض الحديقة التي أعدّت ذات حلم لزراعة الورد  وغراسة الأشجار…

في قلب الحديقة قطيع خرفان يأكل العشب الذي أبى إلا أن يخرج رأسه رغم الجفاف والقحط…صاحب القطيع جَـذِل يرنو إلى البعيد ويحلم

بالملايين وعيد الاضحى  يحثّ الخطى

نحو شعب يهوى بل يعشق  الذبح والسلخ…  في وطني الثراء الفاحش  مشروع وحق يضمنه الدستور…والفقر المدقع نصيب…

على المقاعد الخشبية المتآكلة بمفعول العوامل المناخية جلست نسوة  يتحدثن عن المقطوعات 

كالسكر والقهوة والدقيق وشحّ بزر دوّار الشمس التركي  والمـوز في السوق …أمامهم أطفالهم البعض يركض والبعض يشنّ هجوما سافرا  على شجرة التوت اليتيمة يقتلعون أوراقها  والثمار يشجعهم على ذلك صمت الأمهات …

في الركن القصي من هذه الحديقة نامت حنفية بعد اقتلاعها  إثـر  زحف بني التتار المقيمين بيننا…

أما الـركـن المقابل فقد بات مصب فضلات وساحة وغى بين القطط والكلاب السائبة  والغلبة كما هو مُـتَـوَّقَـع للفئران التي حسمت المعركة كالعادة وأطردت القطط والكلاب في صَغَار…والحمد لله ان ارتفاع درجة الحرارة جفف كل ما هو قابل للتعفّن كقشـر الدلاع والبطيخ ،

ونحن قوم من آكلات الدلاع خاصة…

شيخ  يطلب من شاب مارّ جنبه أن يساعده على إجراء مكالمة هاتفية تسلم الشاب منه الهاتف نظر في كل الاتجاهات وأطلق رجليه للريح أمام دهشة الشيخ وسلبية المتواجدين…

شاحنة صغيرة تحمل لافتة مكتوب عليها(شر …البيئة) والمقصود(شرطة البيئة)تبخّر حرفيْ (ط— ة)بمفعول ارتفاع درجة الـوعي بمخاطر الحفاظ على البيئة، تقف الشاحنة يترجل منها عونان يبتاعان سجائر بالتفصيل  من كشك تمَّ تشييده في مدخل الحديقة يحدثان طويلا صاحب الكشك يمدُّ كل منهما بعلبة  بسكويت ،كل   واحد يلتهم قطع البسكويت ويلقي  بالعلبة فارغة على باب الحديقة الذي نخره الصدأ ،يقهقهان ويعودان إلى الشاحنة …

تعبر سيارة مكشوفة ومنها ينبعث صوت فريد الأطرش الشجي يردد

تونس أيا خضراء

يا حارقة الأكباد…

فائزه بنمسعود

21/6/2024

من  صفحتي(تونسيات)



اسرقيني يا فرحة العمر بقلم الكاتب سَعيد إِبْرَاهِيم زَعْلُوك

 اسرقيني يا فرحة العمر

✍ سَعيد إِبْرَاهِيم زَعْلُوك


اسرقيني،

ولو لحظةً من غياب السنين،

فأنا صرتُ أكتب وجهي

على صفحة الريح،

كأنني غريب الحنين الكبير.


خذيني إلى حيث كانت خطانا،

حيث الطير يغنّي على الأغصان،

وحيث المواسم تأتي نديّة،

تغمرنا مثل عرسٍ صغير،

ولا يعرف الجرح كيف يدور،

ولا يعرف الحزن كيف يصير.


أنا الآن طفلٌ

يحمل صدرًا تكسّر فيه صدى الأمير،

فلا تاج حلمٍ يبقى على الرأس،

ولا ظلّ مجدٍ، ولا من يجير.


دعيني أفرّ من الليل وحدي،

وأعطيك قلبي الأسير،

فما عاد لي غير نبضي دليلًا،

ولا صوتي طيورًا تطير.


سأغنّي، سأغنّي،

لعلّي أنسى دموعي،

وأجمع من شمسك الفجر لأضيء.

فمن قال إن الحزين يموت؟

ومن قال إن الصدى لا يثور؟


إذا مرّ يوم عليّ بفرح،

عرفتُ بأني على خير خير،

فربي كريم يهبني ابتسامًا،

لعلّي أعود، ولعلّي أنير.


فيا فرحتي،

تسلّلي مثل همس الوسادة،

كأنك دقات أمي القديمة،

كأنك طيرٌ يعود إلى عشه…

ليوقظ في القلب فجر الأمير.



دموع على شاطئ الصمت بقلم الأديبة غزلان حمدي من تونس

 دموع على شاطئ الصمت


كانت أول ليلةٍ لي في هذا المسكن الجديد، مدينةٌ بحريةٌ يهمس فيها الموج بهدوءٍ غريب، والنسيم يمرّ على النوافذ كأنّه يحمل تحيّة البداية.

كلّ شيء كان ساكنًا… جميلًا في ظاهره، فارغًا في معناه.


جلستُ أمام النافذة أحدّق في البحر، لكن قلبي لم يرَ سوى الغياب.

شيء ما انكسر في داخلي، كأنّ الحياة فقدت دفئها فجأة.

كُسر خاطري كما تُكسر المرايا، فتتناثر في وجهي صور الوجع، وتعيد إليّ كل ذكرى كنت أظنّها انتهت.

بتّ ليلتي أعدّ الدقائق، أستمع إلى خفق قلبي الجريح وهو يتهامس بالحسرة، كأنه يسألني: لِمَ كل هذا الألم؟

انهمرت دموعي بصمتٍ طويل، تساقطت كأنها اعتذار متأخر لروحي المنهكة، وغرقت الوسادة بملحٍ يشبه البحر القريب من نافذتي.


لطالما ترك الزمن بصماته على قلبي، بصمة من عذابٍ أليمٍ لم يمحُه شيء. كنت أظنّ أن الحاضر سيُنسي كل جراح الماضي، لكنه جاء مزيجًا من الحنين والقسوة، يحمل في طياته فرحةً خافتةً وجرحًا عميقًا لا يندمل.

الليلة علّمتني أن التعب لا يسكن القلب وحده، بل يمتد إلى الجسد، وأن الملامح قد تذبل ليس لطول العمر، بل لأن الروح حملت أكثر مما يمكنها تحمّله…

وهكذا، علّمتني الحياة حكمة صامتة: أحيانًا يتعب القلب قبل الجسد، وتذبل الملامح قبل السن، لأن المعاناة تُكتب على الروح قبل أن تُكتب على الزمن.


بقلمي الأديبة غزلان حمدي من تونس



لقلبي رب يحميه بقلم دآمال بوحرب

 لقلبي رب يحميه 

وإلّا فكيفَ لوعةُ قلبي تبيتُ؟

تقطّعت مني حبالُ الصبر

حتى نزفَ الكلم وانهار سكوتي


وأنت ماكرٌ في الحسنِ

وكأنّ سحرك يختبئ في وجه القمر

كلما رفعتُ عيني إليك

ازداد نورك عبثًا

وازداد قلبي ألمًا

دآمال بوحرب



المعذبون أنبياء الحكمه بقلم الكاتب:حسين عبدالله جمعة

 المعذبون أنبياء الحكمه

بقلم:حسين عبدالله جمعة 


ما وجودنا في هذه الحياة، إلا لنأخذ نصيبنا

 من خيباتها وعثراتها وإذلالها لنا...

نرحل في النهاية ونحن نحمل شهادة صامتة: أن الحياة لم تكن سوى شيء عابر، مسرحية فكاهية أُعدّت أصلاً للسخرية منّا.


الممالك التي بنيناها على مبدأ: "أنا أعز منك مالاً وولداً"، لم تكن سوى أوهام مشيّدة على رمال متحركة.

لحظة واحدة تكفي كي تتهدّم، فتسقط فوق رؤوسنا ونكتشف أننا لم نملك شيئًا أصلًا، سوى سراب كنا نحرسه.


المعذبون هم المسكونون بالحكمة،

وعذاباتهم، على قسوتها، نعمة من الخالق…

فهم الأقرب إلى نور الله، والأكثر معرفة بسرّه.

ومع الوقت، تتحول تلك الجراح إلى بصيرة،

وتصير المرارة لذّة لا يذوقها إلا الكرماء.


نمشي في العمر مثل قوارب تائهة،

تحملنا الأمواج بين مدّ وجزر،

باحثين عن ميناء للخلاص،

لنفرغ فيه ما تحمله قلوبنا من تعب.

لكن حتى في الميناء،

ثمة من ينتظرك على قارعة الطريق،

ليسرق آخر ما تبضّعت من فرح.


وكلما اعتقدنا أننا وصلنا،

اكتشفنا أن الطريق أطول،

وأن المسرحية لم تنتهِ بعد.


ورغم كل هذا…

يبقى لنا شيء صغير لا يُسرق،

إيماننا بأن النور أقوى من العتم،

وأن الكرامة، حتى في الانكسار،

أبقى من كل الممالك الزائفة.

ورغم ذلك، يظل المعذبون الأجمل أثرًا… لأنهم يتركون وراءهم حكمة تشبه الضوء، لا يبهت، ولا يُسرق.


المعذَّبون؟ هم وحدهم الذين عرفوا أن الخيبة مدرسة، وأن الألم شهادة عُليا في الحكمة.

هم الذين شربوا المرّ حتى صار في أفواههم عذبًا.

عرفوا أنّ القسوة قد تكون رسالة، وأن الصبر الطويل ليس ضعفًا، بل قربًا من نور لا يراه الطامعون.


وتمضي بنا سفن الأمل، تائهة في عرض البحر…

وحين نلمح الميناء،لا نجد من ينتظرنا على الشاطئ… 


ومع ذلك، نضحك.

نضحك لأننا تعلمنا: لا شيء يدوم… لا المال ولا القلاع ولا الأقنعة ولا حتى الأصدقاء والعلاقات المزيفه.

وحدها الحكمة تبقى، ومعها وجوه المعذَّبين… أبناء الحكمة الحقيقيون.


حسين عبدالله جمعة 

سعدنايل لبنان


** سَفَرُ الذِكرَيَاتْ ** بقلم الكاتب منجي الغربي

 ** سَفَرُ الذِكرَيَاتْ **

مُغْمَضَ العَيْنَيْنِ ...

شَارِدً الذِهْنِ و لَا زِلْتُ ... 

لَا زِلْتْ أَنْشُدُ أَفْكَارًا 

تَاهَتْ مِنِّي يَوْمًا ...

تَاهَتْ ... كَعُصْفُورٍ بَعْدَ السِّجْنِ

رَفْرَفَ مِنْ جِدِيدٍ و ارْتَحَلَ ... 

حَلَّقَ عَالِيًا نَحْوَ غَيْمَةٍ تَرْقُصُ

قَبْلَ السَّفَرْ ...


مُغْمَضَ العَيْنَيْنِ ...

أَسْكُبُ أَحْلَامًا فِي

كَأْسِ الشَّوْقِ  أَتَذَوَّقُهَا  ...

تَوَاتَرَتْ الصُّوَرُ و الذِّكْرَيَاتُ ...

أَتَجَرَّعُ بَعْضَهَا مُسْكِرَةً كَخَمْرَةٍ

مُرَّةٍ لَا تُطَاقْ 


تَسَارَعَتِ الصُّوَرُ وَاحِدَةً وَاحِدَةْ

تًدَافَعَتْ ... تَطَايَرَتْ ...  ارْتَحَلَتْ . 

تَعَدَّدَتِ الأَلْوَانُ و الصَّفَحَاتُ .


أَصْفَرُ فَاقَعٌ كَصَحْرَاءَ

تُمُدُّ كُثْبَانَهَا فِي كُلِّ إِتِّجَاهٍ

فَأَخْضَرُ كًوَاحَةِ نًخِيلٍ 

تَلُوحُ مَنْ بَعَيدٍ حُلْوَةً لِلنَّاظِرِينْ

و أًحْمَرُ قَانً كَشِفَاهَ فَتَيَاتٍ

لَمْ يَتَزَيَّنْ بَالمَسَاحِيقِ بَعْدُ 

فَرَمَادِيٌ فِي عِنًاقِ الأًسْوًدِ و الأًبْيَضِ 

 كَهَبَاءٍ بَمَوقِدِ دِفْءِ مًعَ خَلِيلٍ مُنْتَظَرْ

 أَوْ كَجَمْرٍ هًادِئٍ فِي قَلْبٍ عَلِيلٍ مُنْكَسِرْ .


جَالَ نًظًرَي فَي الأُفُقِ الرُُحْبَ

قًالَتْ العًيْنٌ أَرْجٌوكَ أًيُّهَا الشًّفًقُ

لَا تَرْحًلْ ... 

لَا تَرْحَلْ و انْتَظِرْنَي اليًوْمَ

و لا تأْخُذنِي بِنَاصِيَتِي 

فترحلَ بي قبل نِهايةِ المَواعيدِ.

و انتظِرْني 


بَقِيَتْ لي صَفحةٌ بِدفْتَري  

كَيْ أرسُمَ فيها وَردةً قبلَ السَّفرِ  

و أخُطَّ بيتَ شِعرٍ أخيرٍ للِعِبرِ

أجمَعُ فيهِ أحلامِي الضائعةَ

و أوْجَاعَ جِراحٍ لم تَندَمِلْ 

فانتَظِرني

لأُرسلَ مَكَاتيبِي المُتَخلفةَ

قبلَ السفَرِ 

ومِن الجَميع أعْتَذرُ ...

( منجي الغربي ) 

... جربة ... 07 / 11 / 2025 ...



قِطَارُ العُمْرِ.. بقلم الكاتب عماد الخذرى

 قِطَارُ العُمْرِ..


دَعْ عَنْكَ الهُمُومَ وَاتْرُكْ كُلَّ المَآسِي

وَلَا تَأْسَ عَلَى مَاضِي الزَّمَانِ القَاسِي


فَقِطَارُ العُمْرِ يَمْضِي لَا يُوَاسِي

وَمَا الحَيَاةُ إِلَّا فُسْحَةٌ لِلنَّاسِ


وَالشَّمْسُ تَشْرُقُ دَائِمًا كُلَّ صَبَاحٍ

لِيَعُمَّ نُورُهَا كُلَّ الأَنْفَاسِ


فَلَا تَرْقُبْ مِنْ أَحَدٍ وَعْدَ الأَمَاسِي

فَكَثِيرُ الوُعُودِ عَسِيرُ المِرَاسِ


وَلَا تَقُلْ مَا جَادَ الزَّمَانُ وَلَا آتِ

فَالكَوْنُ رَحْبٌ جَدِيرٌ بِكُلِّ كَأْسِ


وَانْحَتْ لِنَفْسِكَ طَرِيقَ الفَلَاحِ

فَلَا ذَهَبٌ يُمْطِرُ وَلَا مَاسِ


وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْعُمْرِ جُرْحًا يُدَاوَى

بِالصَّبْرِ يُشْفَى مَعَ كُلِّ نَاسٍ


وَإِنَّ لِكُلِّ جَوَادٍ كَبْوَةً

فَطُوبَى لِمَنْ نَهَضَ بِدُونِ يَأْسِ


وَمَا المَرْءُ إِلَّا عَابِرُ طَرِيقٍ

زَبَدًا يُبْقِي أَوْ مَا يَنْفَعُ كُلَّ النَّاسِ


بقلمى عماد الخذرى 

تونس فى 07/11/2025



الشعر،الشاعر والثورة: صراع الوجود..وسؤال المعنى.. بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 الشعر،الشاعر والثورة: صراع الوجود..وسؤال المعنى..

تصدير :

تحية للنص المدهش الذي يعكس وجه الحياة المتجدّد،تحية للقصيدة المتشبثة بهويتها كقصيدة،فمكانها ومكانتها بقامة أبجديتها،وليس بمهارتها في استرضاء السلطة وتملقها،وإن كانت سلطة شعبية..( الكاتب)


على مدار التاريخ،لم يكن الشعر مجرد تعبير جمالي منعزل،بل كان صوتاً حياً يعكس نبض المجتمعات وتطلعاتها.والثورة بوصفها حدثاً استثنائياً تهزّ البنى الراكدة،وتُعيد تشكيل دور الشاعر ووظيفة الشعر،لتتحول القصيدة من مجرد انفعال عابر إلى وثيقة وجودية توثق زمن التحوّلات الكبرى.هذه العلاقة الجدلية بين الشعر والشاعر والثورة تطرح أسئلة عميقة عن دور الفن في زمن الثورة،وعن قدرة اللغة على تمثيل اللحظات التاريخية الفاصلة.

لقد شهد الشعر الحديث تحولات جذرية في الشكل والمضمون،متأثراً بالثورات الصناعية والاجتماعية والفكرية التي عصفت بأوروبا منذ القرن الثامن عشر.لم يكن الشعر منعزلاً عن هذه التحولات،بل كان جزءاً من حركة تاريخية كبرى أعادت تعريف الإنسان والعالم.

كما عرف الشعر العربي علاقة عضوية مع الثورة، بدءاً من ثورات التحرر الوطني،مروراً بالثورات الاجتماعية،ووصولاً إلى ثورات "الربيع العربي". كان الشعر دوماً صوت المقموعين وسجل أحلامهم وآلامهم.

في هذا السياق،تمثل العلاقة بين الشعر والثورة واحدة من أكثر العلاقات تعقيداً وإثارة في التاريخ الأدبي والفكري،فهي علاقة تتجاوز الانزياح السطحي نحو الأعماق الوجودية للكينونة الإنسانية.وليست الثورة مجرد حدث سياسي أو اجتماعي عابر،بل هي انزياح وجودي يمس جوهر الإنسان ووجوده في العالم.وبالمثل،فإن الشعر ليس مجرد كلمات موزونة،بل هو استجواب دائم للوجود،وتفكيك للواقع،وبناء لعوالم بديلة.

وإذن ؟

 يجتمع الشعر والثورة إذا في مساحة اللامألوف، حيث يتم اختراق المألوف والسائد لإعادة تشكيل العالم والمعنى..

وهنا أقول : ليست الثورة مجرد تغيير سياسي أو اجتماعي،بل هي انزياح وجودي يمس أسس الوجود الإنساني في العالم،إذ تتجلى الثورة كفعل شعري يتجاوز الواقع القائم ويبني واقعاً جديداً قائماً على قيم الحرية والكرامة والعدالة.لكن العلاقة بين الشعر والثورة علاقة ملتبسة،فهناك فرق بين "شعر الثورة" و"ثورة الشعر".الأول قد يتحول إلى مجرد شعارات موزونة تردد انفعالات الثورة،بينما الثاني هو ثورة داخلية على مستوى الشكل والمضمون،تهدف إلى تحرير القصيدة من كل القيود..

في السياق العربي،برزت هذه الإشكالية بشكل حاد خلال ثورات ما يسمى ب" الربيع العربي"،حيث حاول العديد من الشعراء الاستجابة للأحداث الجسام،لكن النتائج الفنية كانت في كثير من الأحيان دون مستوى التحدي.كما يشير الشاعر المصري حسن طلب،فإن "الشعر يضعف عندما يكون تابعاً للأحداث السياسية".

ما أريد أن أقول ؟

أردت القول،الشاعر يقف على الخط الفاصل بين الوجود والثورة،بين الانزياح الداخلي والانخراط في العالم.فمن ناحية،يسعى الشاعر إلى تأويل العالم باعتباره انكشافاً للتجربة الحدية التي تتجاوز المألوف والممكن.من ناحية أخرى،يجد الشاعر نفسه ملتزماً بالاستجابة لتحديات واقعه وأزمات مجتمعه.هذه الازدواجية تخلق توتراً إبداعياً قد يثمر قصيدة وجودية ثورية،أو قد يتحول إلى مجرد انفعال عاطفي يفتقر إلى العمق الجمالي..!

لكن التحدي الأكبر يبقى هو الانزياح عن الشعري الزائف والوصول إلى قصيدة حقيقية مستقلة، قادرة على استغلال الفرصة التاريخية لاسترداد وضعها الطبيعي.هذا يتطلب من الشاعر الذكاء والموهبة معاً،وقدرة على توظيف الإمكانيات الجديدة لتجسيد رؤية وجودية ثورية حقيقية .

ختاما أقول : بعد أن تخف حدة الثورات وتستقر الأوضاع،يبقى السؤال: ما مصير الشعر بعد العاصفة؟!

 يرى النقاد أن الشعر الحقيقي هو القادر على تجاوز اللحظة الآنية ليتحول إلى وثيقة إنسانية خالدة.فالثورة ليست مجرد حدث سياسي عابر،بل هي حالة وجودية عميقة تمس جوهر الإنسان وتدفعه إلى إعادة النظر في ذاته وعالمه. والشعر،في النهاية،هو أحد أعظم أشكال هذه المراجعة الوجودية.

ويظل الشعر ثورة دائمة على المستوى الوجودي والجمالي،كاشفاً عن التوتر الحيوي بين الوجود والعدم،بين المعنى واللامعنى.ففي اللحظة الشعرية الخاطفة،يتحقق الانزياح الأقصى،حيث يصبح الشاعر هو الشعر نفسه،ويتحول الشعور إلى فعل كلّي جماعي يعبر عن وحدة الإنسانية في الجوهر .

أما الثورة،فهي التجسيد العملي لهذا الانزياح الوجودي على مستوى التاريخ والمجتمع. 

وحين تلتقي الثورة بالشعر،تتولد طاقة خلاقة قادرة على اختراق الواقع وإعادة تشكيله وفق رؤية جمالية أخلاقية.لكن هذا اللقاء يحتاج إلى وعي عميق باستقلالية الشعر وشعريته،وإلا تحول إلى مجرد استغلال سياسي يفتقر إلى العمق والاستمرارية.

في النهاية،يبقى الشعر والشاعر والثورة أطرافاً في حوار وجودي دائم،حوار يمس أسئلة المعنى والوجود،ويبحث عن الخلاص الفردي والجماعي في عالم يزداد تعقيداً وإشكالية..


محمد المحسن



الجمعة، 7 نوفمبر 2025

تـــعالي حبيبتي بقلم الأديب سعيد الشابي

 تـــعالي حبيبتي

أنت وأنا ، والحـب ثــالثنا

كم غنيــنا للوجود من نشيد

كم بنيـــنا من قـــصور

عشنا فيها للهـوى ، قــوتا

والعشق لــنا فيها شـراب

حين تحالف الزمان مع الهوى

ليقـتاتا من أعمارنا السنـين

ويسقــياننا العشــق خمرا

ونسينا قدوم يــوم فـــيه 

يسطو الزمان على أعمارنا

وقد أخذ مـنا الهوى ، ماعندنا

وما أبقـينا للأجـــسام شيئا

تعالي ، ولا تمنحي الزمان 

فرصـة الغباء القـــاتل

فنحن من يقـتات الهوى الآن

ونشـرب العشق مـاء زلالا

فليس الحب على الشباب حكرا

بل الحب للكبار نقاهة وعلاج

وثـقي ، يا خليلــتي أن...

ما بقي فيّ من دم يجــري

أنت فيه كريّـاته الحمــراء

وأن قلــبك ، في قلبي نبض

وقلــبي ، في قلبك التـيار

والنـور في عــيوننا اليوم

من ذاك الهوى المعتق المحفوظ

دعي الحب يحضننا كأمس

فالحياة بلا حب نهاية وفناء

سعيد الشابي


جّعلت بهذا الهوى عبقريا بقلم الشاعر حامد الشاعر

 جّعلت 

بهذا الهوى عبقريا 

 بحبك  حزت    مقاما  عليا ـــــــ ونلت   العلا    وارتقيت وليا 

فماذا  بدنيا الهوى لو رجعت ــــــ صبيا  وعدت    إليك      نبيا 

نظمت ملاحم شعري فصرت ــــــ  منادٍ   وصار    الكلام   نديا 

وماذا  أقول  وقد قيل  عني ــــــ جعلت  بهذا    الهوى  عبقريّا 

ودون الغموض الهوى يحتويني ـويبدو الهوى بي اتضاحا جليا

******

فلست  أبالي  إذا  ما  غويت ــــــ فكيف  اهتديت   إليّ   غويا

بدنياي دين الهوى لست أقلي ـــــ سابقى  بدين  الهوى أحمديا

إلى سؤدد   في هواي  أعود ــــــ  ومن بعد  ضعف أعود قويا

تسنى  الهوى  وسيبقى  غنيا ــــــ وفي   خافقي  مشرقا وسنيا

 أذود       فعن  حبنا   عربيّا ــــــ وبالحب أحمي الحمى مغربيّا 

*******

يدور الزمان ويهوى  التراخي ـــــ أمام  الهوى  مسرعا    لولبيّا 

كمثل السلاف ومن بعد عصر ـــــ يسيل  على  كأسنا   عنقوديّا 

هناك  كبدر      تُرى     عبقريّا ـــــ وليلا   تناجي   هنا  سرمديّا 

وبالحب  أثريت  قلبي  هواك ـــــ فما  خنت  ما عشت إلا وفيا 

وزدت   ثراء  فيا   ليتني من ــــــ  صباي  اتجهت  إليك    ثريا 

******

وتقرئني   من   بعيد   سلاما ــــــ وغصن  السلام  حملت طريا 

تعال    فليس يفيد   التعالي ــــــ انادي   ولست    أطيق  دويا

بدا ما      أقول  جليا  وأعلن ـــــ ت حبي  وما كان  أمرا خفيا 

وما  كنت  إلا  محبا       مليا ــــــ وهذا    المحب  تراءى صبيا 

يصير  المعادي  مسيخا  وكل ــــــ محب   يصير  مسيحا  تقيا

******

وغير  المحبة   لست  أحابي ــــــ هجرت  العدى والأعادي مليا

يجافي  المحب غبيا يصافي ــــــ  ومن  صانع  الحب قلبا ذكيا 

تلامس نار الهوى في الجنان ـــــ   ورغم  التلظى   فؤادا  زكيا

تسامى الهوى ويسمى المحب ـــ سموا  بنفس  المسمى   سميا 

بلغنا  تآخي   محبين     حين ـــــ جعلنا  الهوى    منهجا أخويّا 

******

جعلت الهوى   مغربيا فصرت ـــــ  وليا  وصار  الهوى   تونسيّا

ويهمني   أن تظل       حبييا ــــــ ولي  أن  تكون صديقا صفيا

ومن  دونه  كم أراني   فقيرا ــــــ وفيه  احوز     المعالي  غنيا 

بدوت  جليا      غدوت  وليا ــــــ كجدي اصطفاني العليّ  عليا 

يطيعك قلبي  المُعنى  فلست ــــــ تراود     قلبا  أتاك     عصيا

*******

ذكرت  الذي  شاقه ما تناسى ـــــ وما  كان  قلب  المحب نسيا 

أفوق الشيوخ بعملي  فلست ــــــ أشيخ  وما  زال   قلبي  فتيا 

وعشت التصابي صبيا  وحرا ــــــ يموت  صريع  الهوى   وأبيا 

وذقت الهوى  كأسه  مستهاما ـــــ يلذ  وحتى  التراقي    شهيا

يطيب  الهوى سكرة  وانتشاءً ـــــ وحتى  الثمالة  يبقى    بهيا

******

حملت  براءة    طفل   فكيف ـــــ أشيخ  وما   زال   قلبي نقيا

وحظ  سعيد       وسعد له  وــــــ سعاد   وليس   يلاقى  شقيا 

نطيق  الذكي   الذي يستهام ــــــ وفي الناس  لسنا نطيق غبيا 

يميل  الهوى  للقصيد    غويا ــــــ  فحين  توافي القوافي رويا 

 عملت بكل الوصايا ومن أش ـــــ تهي  غيره  ما  قبلت  وصيا

******

أوالي  الهوى    وأُولى  فعني ــــــ  إذا  ما   تولى  الهوى بربريّا

أصوغ الهوى أمنيات فألقى ــ وفي الجود فيض الأيادي سخيا 

وأبقي الهوى أغنيات وأشدو ـــــ فيغدو   بيَ الشعر لحنا شجيا 

جعلت الهوى  ساريا   عبقريا ـــــ وعشت     ثريا     به   وسريا 

وفي الحب  عيش هنيّ غنيّ ـــــ بكأس       المحب  تملَّ  هنيّا

******

العرائش في 7نوفمبر 2025

قصيدة عمودية موزونة على البحر المتقارب 

بقلم الشاعر حامد الشاعر



قراءة بقلم الكاتبة حبيبة المحرزي في قصيدة "أجراس الحدود" للشاعر السوري محمد مجيد حسين.

 قراءة في قصيدة "أجراس الحدود" للشاعر السوري محمد مجيد حسين.

الشاعر ومنذ العنوان" أجراس الحدود" جعل ذهن المتلقي يقفز الى الحدود والمنفى واللجوء وأجراس تلغو هناك في حدة البعد والشوق الى الوطن في زمن التوق إلى الحرية والعودة إلى الأرض والعرض والحياة الطبيعية .

الشاعر وببراعة مذهلة جعل الهمّ الجمعي يتقاطع مع الوجد الإنساني في رمزية تربط بين الحب والمقاومة.

-البنية الدلالية للنص:

تقوم القصيدة على ثنائية الحدود والعبور، لأنّ الحدود في القصيدة لا تظهر كفعل جغرافي هندسه المستعمر الطاغي ذات ظلم وتجبر ، وانما كرمز كوني للمنع والرهبة والخوف من اقتحام فضاء الآخر ، والشاعر يتحدى هذا المفهوم ويجعل للحدود أجراسا ، لا أسوارا وأسلاكا شائكة.لان الجرس يعلن عن الحياة والانفتاح لا الانغلاق والخوف لكن بنهج تحفيزي تحذيري. 

يقول الشاعر :

" كانك تزودين إجراس الحدود بالذخيرة "

في هذا المشهد المفترض تلتقي الانثى بالوطن ويتحول الحب إلى طاقة مقاومة لإثبات الذات المغلقة في سياق  حربي يستوجب "الذخيرة"

-الرمزية وبنية الصورة :

القصيدة مشبعة بالرموز التفاعلية. فالعبق هو الذاكرة والهوية العاطفية التي تتجاوز المسافات لربط الصلة بين الماضي المنقضي والحاضر المستمر.

تحضر الصحراء كرمز للفراغ والبعد يقابلها البستان رمز الخصب والحياة. 

الياسمين : يحيل إلى النقاء والأنوثة وياسمين "دارنا الدمشقية" لنزار قباني.

دانكو :رمز الإثارة والبطولة الروحية المستعار من أدب مكسيم غوركس ليسقطه الشاعر على ذاته المرهقة في لحظة اختراق الوعي والحب .

-البنية الاسلوبية:

تقوم القصيدة على إيقاع داخلي متواتر نابع من تكرار عبارة "أجراس الحدود" والتي تؤدي دور اللازمة الموسيقية والمعنوية في ٱن واحد فهي تجمع بين صوت الانذار وصوت الامل والانفراج.

 -الانزياح اللغوي:

"صحراء المسافة"

"ولادة الشجاعة في غابات الياسمين" استطاع الشاعر أن يفكك الواقع عبر المجاز ، فيجعل اللغة نفسها معادلا للشجاعة المرجوة في هذا الخضم المتوتر .

والقصيدة تمتاز بنبرة تأملية وجدانية تعبق بالسمو الروحي والهدوء الفلسفي حتى في أكثر لحظاتها توترا.

وقد استطاع الشاعر ان يقنع المتلقي أن الحب الحقيقي فعل تحرر وانعتاق وان الحدود الحقيقية داخل الإنسان ذاته لا خارجه.حين يقول:

"وفي أوج ساعات وقاري

 انتظر ولادة الشجاعة"

فالقلق الوجودي أشبه بالانتظار او هو المخاض الذي يسبق الولادة .في تقابل بين الهدوء الظاهر والعاصفة المتاججة في الداخل وآلام الوضع..

ليختم :

"وانا دانكو عصري.."

بهذا يتحول الشاعر من عاشق مهزوم إلى منقذ رمزي شبيه بدانكو  رمز التضحية في قصة "الشيخ العجوز دانكو" لمكسيم غوركي الذي استخرج قلبه لينير به دروب أهله المظلمة ليموت ويترك هناك دون حتى التفات ممن هلك من أجلهم .

 يصبح الشاعر محمد مجيد حسين  رمزا للنور الذي يضيء عصره المظلم رغم أن  تنكر المجموعة له وارد شأنه شأن "دانكو" 

بهذا استطاع الشاعر أن يعبر عن وضعية الإنسان العربي الممزق بين الحب والقيود وبين الرغبة في العبور والخوف من الاجراس التي قد تفضح خطاه.

-ختاما:

"أجراس الحدود" تتجاوز الأنا لتعبر عن تجربة إنسانية تأملية يتداخل فيها الحب والوطن والمقاومة في نسيج من العطر والنور والصوت اضافة إلى القلق والخوف من الآتي .

هي قصيدة حديثة تقاوم الفراغ والظلمة بالصورة والمجاز وتمنح الحب معنى وجوديا لا يختزل في العاطفة بل يتسع ليشمل الكرامة والحرية والإنسان في أعمق حالاته في تماه مع "دانكو" الذي ختم القصيدة كقرار بات وكرمز للايثار وتضحية الفرد في سبيل المجموعة.

حبيبة المحرزي 

القصيدة

أجراس الحدود

يتطايرُ العبقُ مخترقاً  

صحراء المسافةِ 

يقودني الصمودُ 

أتشبثُ بدفءِ عينيِّكِ ...

كأنكِ تزودين 

أجراس الحدود 

بالذخيرة ...

وأنا المهزومُ الباقي 

في ساحةِ الشوق .. 

يا مَنْ تخشينَ 

أجراس الحدود 

المعادلةُ تنادينا ..

وفي أوج  ساعاتَ وقاري

أنتظرُ ولادةَ الشجاعة 

في غابات الياسمين ..

وأجزمُ بأنَّ عبقَ روحي 

ينمو في بستانكِ ..

أجراس الحدود 

مثل الغيب ..

وأنا دانكو عصري ..

                   محمّد مجيد حسين .. سوريا



إلى روح خالتي ربيعة بقلم الكاتبة سلوى بن حدو /الرباط

 إلى روح خالتي ربيعة


ويح قلمي إن لم يكتب إسمك بماء الذهب

ليفخر به بين الغصن والقضب

ويغمد روحك برحمة الحب 

الذي ما كان  عن زيف أو كذب

فدعيني خالتي على قبرك أنتحب

حتى تبعثرت القوافي... و بفراقك تاهت....

تلاشت....و اكتأبت..

كفيض دم انسكب من المقل

كحبات عنب تناثرت من عناقيد الأصل

سأرمم  الشضايا من التناهيد..

وألملم حرقتي بالرحمة لك و لقاء جديد...


بقلمي سلوى بن حدو    /الرباط



نهار العيون الأول بقلم الكاتب عامر حامد المطيري

 نهار العيون الأول

في البدءِ —

كانتِ العيونُ نجومًا لم تُطفأ،

تُديرُ مجرّاتِ المعنى،

وتعلِّمُ الضوءَ كيفَ يولدُ من الصمت.


كلُّ عينٍ تهمسُ بما لا يُقال،

كأنها تُترجمُ لغاتِ الغياب،

وتكتبُ للهواءِ وصيّته الأخيرة.


وحين تلتقي العيونُ —

تسقطُ المسافاتُ،

وتتبادلُ الأرواحُ أماكنَها،

ويعرفُ الجسدُ أنه ضيفٌ عابرٌ في الولَه.


عيناكِ —

سفرٌ من ندى،

يبدأُ من طرفِ اللمسة،

ولا ينتهي إلاّ في رعشةِ الاسم.


فيهما —

تتدلّى الذاكرةُ كنجمةٍ تتذكّرُ نورها،

ويتعطّلُ الزمنُ عن العمل،

كأنّ النظرَ إليكِ

يوقظُ نهارًا كان نائمًا في الحلم.


حين تنظرين،

تنبضُ الجبالُ في صدري،

ويمشي الضوءُ على مهلٍ في وريدي،

كما تمشي الأغاني في غيمةٍ تنتظرُ المطر.


يا امرأةً

بوحُ عينيها بابٌ إلى الغيب،

وصمتُها — طريقٌ إلى يقينٍ لا يُقال.


كم مرّةً

خلقَ الحبُّ في عينيكِ نهارَه الأوّل،

وكم مرّةً

أعادَ اللهيبُ ترتيبَ رمادِه —

حين رمشتِ فقط.


عامر حامد المطيري



تماثيل الضعفاء. بقلم الكاتب.. ادريس الجميلي .

 تماثيل الضعفاء.


لسان العرب ديوان حقنه رجل متهور بكلمات البغي الفاحشة .هو يرتدي لباسا قيل انه من كفن الموتى .لقد تابط آخر الوثائق الملفوفة التي كتب عليها بعض الأحاديث النبوية...تراه يلهف الدقيق الابيض الناصع دون دعاء فلا يرضى بنعمة أنزلها الله من السماء .يتهادى وحده في كل مدرج .يحدق أعمدة الديار فلا يرسو في مكان الانتظار.انه لبس قوانين الدراسة كي يكتب شفويا ألفاظا كانت في بيت العرب .رايت تمثال النبوة على كتف الطغاة ....نعم هذه تربتي أشم منها ندى رائحتها بكل أمان ...سألت نفسي .أين الشيطان؟ مكثت قليلا أمام الطائر الأسود متلعثما تاركا ريح السموم تلفح جسدي .انها الحياة تودعني وهي تهمس في أذني لتعلمني ...متى الرحيل؟

سئمت كل الأغاني فردمت الفأس تحت غطاء أبيض كان قد رماه الطائر الاسود خوفا من الظلام ثم تربعت على عرش فضيلة ملغاة ...آه يا وطني لم ألمس كسرة أمي و لم أشرب ماء العين الصافي .ها أنا أقفز  مرتلا  أحاديث و دعوات أبي .كان ممددا على لحاف  مكسوا ببقايا الحشائش البرية .

هي حقائق هاجمت عنفوان شبابي ذات يوم فاستحضرتها عساني أعدم صيحة المديرفي عرش قبيلة الموتى الأحياء.


الامضاء.. ادريس الجميلي .



هو القدر بقلم الكاتب حكيم التومي

 هو القدر 


هو القدر عن الذات 

الفرح نزع

والقلب للأحزان خضع 

قبرت السعادة في 

أعماقي 

وغربان الحيرة في 

بوتقة الفكر طيفها  

لمع

فكان الشعر ارهاصات 

وجع


حكيم التومي 

تونس

إِرْتِقَاب بقلم الكاتب علي المحمداوي

 إِرْتِقَاب 

طال إنتظاري 

وملَّ التختُ من جلوسي واصطباري 

ذبلتْ جفوني 

وجفَّ الدمعُ بأحداقي

وتفجَّرتْ من أسايا عروق قلبي 

وجفَّ ماءُ روافدي والسواقي

فلا شمس أطلَّتْ في صباحي 

ولا فرح يدور بليلي أو نهاري

وكم يا حبيبي وكم

من بعد الفراقِ

آهٍ وآهٍ كم أعاني 

من نار أشواقي والفراق

وزماني آهٍ من زماني 

بعكَّازِ هجرِكَ قد رماني

وبثالثة الأثافي أصابني فأدماني 

وغادرتْ جنائنُ قلبي

طيور الحب

وعشعشَ غرابُ البينِ بأشجاري

ألقيت حرفي 

في أماكن أعرفها

كنّا نرومها عند اللقاء

فلمَّا احتضنَ الحرف تلك الأماكن

 أَنَّ وناحَ وانحنى 

فأبكاني

أيُّها الحافرُ بنصف الروح بئرا

تعال اسمع أنين قلبي وأشجاني

أقسمتُ عليك بربِّ الكون 

أَن إرجعْ إلَيَّ

فإنَّ اشتياقي لعينيك لا حدود لهُ

وأشواقي إليك

باتتْ بأضلعي

كصريرِ النارِ

وغدا ما كنتُ أحملُ من جمالٍ 

كالرَّمادِ

فهل يا ترى ؟ 

بعد الغيابِ من معادِ


بقلمي علي المحمداوي


** ((تلّ مكسور)).. قصة: مصطفى الحاج حسين

 ** ((تلّ مكسور))..

قصة: مصطفى الحاج حسين


مضى على تعيين الأستاذ (حمدان العُمَر)، أكثر من ثلاث سنوات، معلّمًا وحيدًا في قرية (تلّ مكسور)، دون أن يطلب نقله إلى قريته القريبة، بالرّغم من حاجة أبويه العجوزين إلى خدماته في الأرض التي يَتملّكانها؛ فهو يرى نفسه كلَّ شيء في (تلّ مكسور)، فإذا انتقل إلى قريته، ذهبت مكانته وهيبته، ولسوف يُضطرّ أن ينزل من عليائه، ليعمل في الأرض، بدافع الحياء والواجب أمام إلحاح والديه.


لقد أوهم الجميع ـ بمن فيهم المختار ـ (أبو قاسم)، بأنّه رجلٌ مسنودٌ في المحافظة، بأن أبرز لهم بطاقة غريبة، على أنها بطاقة أمنية، فانتشر صيته حتى شمل القرى المجاورة، كما اشتهر بقسوته وبطشه، وكثيرًا ما كان يبتسم في سرّه، حين يتذكّر خوف الكبار منه قبل الصغار.


وما كان يُغريه في البقاء في (تلّ مكسور)، ما يلقاه من خدمة واهتمام وتبجيل، فقد سكن في أحسن البيوت، وأكل أشهى الطعام، بفضل دعمه المزعوم.


ومن دواعي استمراريته في هذه القرية، مغامراته الجنسيّة فيها، فهو يستغلّ وضعه معلّمًا وحيدًا، يستشيره الجميع في كلّ الأمور: قانون، سياسة، زراعة، وحتى أمور الدين. وكثيرًا ما كان يتبجّح بمقولة: (من علّمني حرفًا، كنتُ له عبدًا)، مشدِّدًا بتلذّذ عظيم على كلمة (عبد). كلّ هذا استخدمه طُعمًا في اصطياد النساء الساذجات، بالإضافة إلى كونه أعزبًا لم يتجاوز الثلاثين، يعدّ نفسه متميّزًا بثقافته، وعاداته، وملبسه، ومشربه، ومن هذا المنطلق، يُصرّ على ارتداء طقمه البُنّي، وقميصه البرتقالي، وربطة عنقه الحمراء، في كلّ الأوقات.

  

وكان يُطيلُ الوقت حين يُنظّفُ أسنانه، ليراه أكبر عدد ممكن من الأهالي، وإلى أن ينبثقَ الدمُ من لثّتهِ الملتهبة.


إنّه يرى في شخصه ملكًا، في هذه القرية الغافلة. لكن ما يُنغّص عيشه هي (خديجة)، والدةُ تلميذه (جمعة الخلف)، أجمل نساءِ القرية، الأرملة، والوحيدة، والتي تستطيع لو شاءت أن تتسلّل إليه، أو يتسلّل إليها، فالبيت قريب، ولكنّها نَفرت من كلّ المحاولات.


ذاتَ يومٍ، طرق بابها بعد منتصفِ الليل، فرجع مغسولًا ببصقةٍ، ما زالَ يحسُّ وقعها على وجهه، ممّا جعله يتنازل، وبدافع شهوته المتقدّمة نحوها، يعرضُ عليها الزواج، فتعلّلت له بولدها، وبأنّها نذرت حياتها من أجله، فأضحت جرحه الكبير، وتحوّلت شهوته إلى جرحٍ عميق، انصبَّ على ولدها (جمعة)، فصار يضرب بعد الدلال، رغم تفوّقه،فتنتقل شكواه ودموعه إلى أُمّه، التي تشكو أمرها وأمر ابنها إلى الله.


كان الأستاذ (حمدان) يقفُ على الكرسي، يتلصّص من خلال النافذة، مُراقبًا حركة التلاميذ في استراحتهم.


فما إن تبدر أية حركة من اللعب البريء من الصبي، حتى يُباغَت بصوت الأستاذ المتجسّس، ويبدأ التحقيق معه، وفي النهاية تكون العقوبة القاسية هي الجزاء المنتظر لهذا اليتيم المسكين.


واليوم... حدث ما يُبرّر كلّ حقد (حمدان) على تلميذه (جمعة)، وشاهد من خلال النافذة التلاميذ يلعبون بكرةٍ مصنوعة من الخِرَق البِطّالية، لأنّه حرّم عليهم اللعب بالكرة الحقيقية، التي جمع ثمنها منهم، ولمّا كان (جمعة) بينهم، اندفع (حمدان) إلى الباحة الترابية، وأطلق صفارة الإنذار.. تجمّد الدمُ في عروقِ الصغار، اقترب من الكرة، تفحّصها جيّدًا، ثم صرخ:


ـ من دسَّ علمَ المدرسة، مع هذه الخِرَق؟!


خَيَّم على رؤوسهم صمتٌ رهيب، وتوجّه (حمدان) بنظره الحاقد صوب (جمعة):


ـ أنتَ.. أليس كذلك؟! قَسَمًا باللهِ، سأَسحقك.


وانبعث صوتُ الطفل، مبهوتًا لهذا الاتّهام:


ـ لستُ أنا.. يا أستاذ!!


ـ اخرس يا كلب! هذا عملٌ لا يقوم به سواك.


ـ وحقّ المصحفِ يا أستاذ، أنا لا علاقة لي بصنع الكرة.


وعلى الفور، أمر الأستاذ بعضَ التلاميذ، فرفعوا قدمي (جمعة) إلى الأعلى، وانهال عليه بعصاه الغليظة، فانطلق صراخُ الطفل بريئًا، لينتشر في أرجاءِ القريةِ المتناثرةِ البيوت، فالتَمَّ الناسُ على صوتِ العويل، وأسرع بعضُ الصبية فأخبروا الأرملة.


تحلّق الأهالي رجالًا ونساءً وأطفالًا، وكانوا جميعهم يسألون:


ـ ماذا فعل (جمعة)؟!


وكان الصغار يتولّون الجواب:


ـ لقد صنع من علم البلاد كرة!


والأستاذ (حمدان) منهمكٌ بضرب الصغير، غير عابئٍ بصراخه وتوسّلاته:


ـ أستاذ... دخيلك... أبوس رجلك... اتركني!


وقبل أن تجد توسّلات الصغير مكانًا في قلب الأستاذ، الذي كان يزهو داخليًا، لأنه مركزٌ لهذه الأحداث، جاءه صوت (خديجة) الذي يُميّزه عن أصوات نساء الأرض:


ـ لماذا تضرب ولدي هكذا، يا حضرة الأستاذ؟!


فزعق (حمدان) بوجهها:


ـ لأنه مجرم... مخرب... خائن! هل فهمتِ؟!


اقترب الحاضرون أكثر من المعلم، المتقطّع الأنفاس:


- سأبعثه إلى السجن، قسماً سأبلغ السلطات عنه، هذه جريمة لا يُسكت عنها.


صرخت الأم بانفعال شديد:


ـ يعني ما حصل شيء، ولد لا يفرق بين العلم وأيّة خرقة أخرى…


زمجر المعلم متلذّذًا بهذه المشاجرة الكلامية:


ـ ولد؟!! لا يعرف قيمة العلم؟!.. هذا غير صحيح، من منكم ـ وتوجه بكلامه للحاضرين ـ من منكم لا يعرف بأن العلم رمز للدولة؟!!


اقترب المختار (أبو قاسم)، يرجوه:


ـ يا أستاذ (حمدان)، هذا ولد.. يجب ألا تؤاخذه على هذه الغلطة.


صاح (حمدان):


- حتى أنت يا مختار؟! والله سأكتب تقريرًا إلى مختلف الجهات الأمنية…


… سأذكر وجهة نظرك هذه يا أبا قاسم.


ـ أنا يجب أن لا أتناقش معكم في هذا الموضوع..

أصلاً ليس من قِيَمتِي أن أتناقش مع أحدكم، هذا موضوع خطير، وأنتم لا تفهمون بالسياسة، سأكتب… ومن لا يعجبه سأذكر اسمه في التقرير، فأنا لا يجوز لي التسامح في هذا الشأن، وأنا لعلمكم كاتب تقارير ممتاز، ومن لا يصدق فليذهب إلى قائد قطعتي في الجيش، ويسأله عن تقاريري، كان يضرب المثل بها أمام رفاقي، ومن هذه الناحية… أنا لن أخسر شيئاً، سوى كتابة التقرير، ووضع توقيعي وخاتم المدرسة عليه، ثم تأتي الدوريات.


ولما أراد المختار أن يتدخل مرة أخرى، حدجه الأستاذ بنظرة ذات معنى، وكتم بهجته.. بإرباكه.. وصرخ:


ـ أرجوك يا جناب المختار، لا تتفوه بكلمة ستندم عليها، ومسؤوليتك أن تبلغ عنه بنفسك.


نشر الخوف ظلاله على الجميع، وتعثرت الكلمات على شفاههم، مرت لحظات منحوته من دمع وظلام، حار الواقفون، وطال صمتهم، فكر  

(أبو عيشة) أن يساند (حمدان)، حتى لا يظل متعاليًا عليه، لكنه خجل من (خديجة)، أرملة  

(نايف) ابن عمه، التي رآها واقفة بانكسار.


تردد أصحاب النخوة في مواقفهم، وتقدم (أبو نواف)، وطبع قبلة على شارب المعلم، وتشجع (أبو ممدوح)، فعزم على الجميع أن يتفضلوا إلى داره، ليذبح خروفًا إكرامًا للأستاذ… هكذا راح يقسم.


وانكبت خالة الأرملة العجوز، على يد (حمدان) تقبلها، وتبللها بدموعها.


كثرت التوسلات، وتعالت الأصوات… مسترحمة، مستعطفة، حتى(خديجة)

… تهدجت كلماتها من الفزع، وهي تتمتم:


ـ هذا طفل يا أستاذ… لو كان رجلاً… ولم تكمل كلامها، حتى انتفش كالطاووس، وهو يزعق بتلذذ:


ـ السلطات العليا وحدها ستقرر مصير ابن الخائن هذا.


انصعقت (خديجة)، توقعت كل شيء، إلّا أن يتهم زوجها بالخيانة، وحاولت أن تتمالك، فلتصمت… عن هذه الإهانة، فالجميع يعرفون من هو زوجها، المهم الآن أن تستعطف هذا الحاقد، لأن مصير ولدها (جمعة) في خطر، فابتلعت الإهانة، وضغطت على جرحها، وقالت:


ـ سامحك الله يا أستاذ (حمدان)، لو كنت تعرف أي الرجال، كان (أبو جمعة)، لما اتهمته بالخيانة.


أدرك (حمدان) نقطة الضعف عند غريمته، فعزم على تمريغ اسم المرحوم:


ـ لو لم يكن جبانًا، لما أنجب هذا الولد الخائن.


وهنا فقدت (خديجة) رشدها، لم تعد تحتمل أكثر مما سمعت، فصرخت كمجنونة، اندفعت تجاه (حمدان):


ـ اخرس… اخرس يا كلب، من أنت، حتى تقول عن (أبي جمعة) جبان؟!!.. متى أصبح الشهيد خائنًا؟!.. اذهب فاسأل تربة الجولان لتعرف من هو (أبو جمعة)، أنت مجرد نذل… حقير، حاولت النيل من عرض هذا الشهيد، الذي لا تساوي أنت وتقاريرك فردة حذائه.


واندفعت نحوه أكثر، رافعة يدها بقوة، تريد أن تصفعه، في تلك اللحظة، عندما كان يتراجع (حمدان) مذعورًا كالفأر، شاهد جميع من كان حاضرًا من أهالي (تل مكسور) يد (خديجة) الطاهرة، تخفق في سماء القرية المكتنزة بالغيوم، بشموخ وكبرياء، ترتفع تمامًا مثل علم البلاد.*

 

مصطفى الحاج حسين.  

حلب، عام 1990م